بها أسواق لا ينكر أحد على أحد، بل كل أحد وما استحسن، إلا أن الأسعار تغلو حتّى يصير الشيء بقيمة مثليه أو أكثر لكلفة الحمل ومشقّة السفر، وذكر أنه كان من عادة سلطانهم أنه لا يعمل موكبا، ولا يجلس لخدمة ولا لقراءة قصص حكمية وإبلاغ مظالم إليه، بل له من أبناء الأمراء خاصة له يقال لهم الإينافية، يكونون حوله لا يكاد منهم من يفارقه.
فأما الأمراء فإنهم يركبون في غالب الأيام على نحو عشرين غلوة «١» سهم منها إلى باب الكرباس «٢» ، وتنصب لهم هناك كراسيّ صندلية، يجلس كل أمير منهم على كرسيّ منها بحسب مراتبهم: الأعلى ثم الأدنى، ويدخل الوزير في بكرة كل يوم على القان، ويبقى الأمراء على باب الكرباس، فإما أن يخرج لهم القان، وإما أن يأذن لهم في الدّخول، أو لا هذا ولا هذا. فإذا حضر طعام القان بعث إلى كل أمير منهم شيئا للأكل بمفرده يأكله هو ومن انضم معه، فيأكلون ثم يتفرّقون ويذهبون إلى حالهم، ومن تأخر منهم عن الحضور لم يطلب بحضور إلا أن تدعو الحاجة.
أما الظّلامات فإن كانت متعلّقة بالعسكرية؛ فإلى أمير الألوس. وإن كانت متعلّقة بالبلاد والأموال أو الرعايا، فإلى الوزير، بل أكثر الظّلامات لا يفصلها إلا الوزير لملازمته باب القان، بخلاف أمير الألوس لقلة ملازمته، ثم قال: وليس في هذه البلاد قاعدة محفوظة، بل كل من انضوى إلى خاتون من الخواتين أو أمير من الأمراء أو كبير من الخواجكية، قام بأمره إما في قضاء حاجة يطلبها. أو إزالة ظلامة يشكوها. حتّى إن من الخواتين والأمراء من يقتل ويوسّط بيده بغير أمر القان ولا أمير الألوس.