عظيم؛ ولها نهر يدخل إليها على حمالات في الخندق معمول بالرّصاص وهو نهر جاهليّ يشقّ السوق بموضع يعرف برأس الطاق. قال ابن حوقل: ورأيت على باب من أبوابها يسمّى باب كشّ صفحة من حديد وعليها كتيّبة يزعم أهلها أنها بالحميريّة وأن الباب من بناء تبّع ملك اليمن، وأن من صنعاء إلى سمرقند ألف فرسخ، وأن ذلك مكتوب من أيام تبّع. قال: ثم وقعت فتنة بها في أيام مقامي بها وأحرق الباب وذهبت الكتابة. ثم أعاد عمارة الباب محمد بن لقمان بن نصر السامانيّ ولم يعد الكتابة. قلت: والمراد تبع المسمّى بأسعد أبا كرب؛ وقد أشرت إلى قضية تبّع في بناء سمرقند في الكتاب الذي أنشأته لأن يكتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية إلى تمرلنك عند إرساله بالمفاوضة في الصلح بعد واقعة دمشق والقبض على ابن عثمان صاحب برسا من بلاد الروم بقولي بعد الدعاء:
«ولا زال بالنصر تقضي قواضبه، وبالظّفر وحسن الأثر تمضي مقانبه وتشاع مناقبه، وبلسان دولته القاهرة يصاح بتبّع سمرقند لن تبلغ هذه الرتبة حتّى نظّم الجزع ثاقبه» على ما سيأتي ذكره في الكلام على مكاتبة القان صاحب ما وراء النهر، في الكلام على المكاتبات في المقالة الرابعة إن شاء الله تعالى.
قال في «مسالك الأبصار» : وسمرقند مدينة مرتفعة يشرف الناظر بها على شجر أخضر، وقصور تزهر، وأنهار تطّرد، وعمارة تتّقد، لا يقع الطّرف بها على مكان إلا ملأه، ولا بستان إلا استحسنه. قال صاحب «أشكال الأرض» : وقد نصصت «١» أسحار السير، وتشبهت بطوائف الحيوان: من الفيلة والإبل والبقر والوحوش المقبل بعضها على بعض. قال: وبها حصن ولها أربعة أبواب: باب مما يلي المشرق يعرف بباب الصّين، مرتفع عن وجه الأرض ينزل إليه «٢» بدرج كثيرة، مطل على وادي السّغد، وباب مما يلي المغرب يعرف بباب النّوبهار على نشز من الأرض؛ وباب مما يلي الشّمال يعرف بباب بخارا، وباب مما يلي