أحمد بن إسرائيل «١» مع تقدّمه في الكتابة أنه قال: وكانت رسومهم مساناة ثم صارت مشاهرة ثم صارت مياومة ثم صارت مساعاة، فأخطأ، وكان يجب أن يقول مساوعة. قال في «المثل السائر» : وكثيرا ما يقع أهل العلم في مثل هذه المواضع فكيف الجهّال الذين لا معرفة لهم بها ولا اطّلاع لهم عليها، وإذا علم حقيقة الأمر في ذلك لم يقع الغلط فيما يوجب قدحا ولا طعنا، قال:
وقد وقع الغلط لأبي نواس فيما هو أظهر من ذلك، وهو قوله في صفة الخمر:
كأنّ صغرى وكبرى من فواقعها ... حصباء درّ على أرض من الذّهب
فإن «فعلى أفعل» لا يجوز حذف الألف واللام منها وإنما يجوز حذفهما من «فعلى» التي لا أفعل لها نحو حبلى إلا أن تكون «فعلى أفعل» مضافة وهاهنا قد عريت عن الإضافة وعن الألف واللام وكان الصواب أن يقال: كأن الصّغرى والكبرى أو كأن صغراها وكبراها. فانظر كيف وقع أبو نواس في مثل هذا الموضع مع قربه وسهولته، وغلط أبو تمام أيضا في قوله:
بالقائم الثّامن المستخلف اطّأدت ... قواعد الملك ممتدّا لها الطّول
فقال «اطّأدت» والصواب «اتّطدت» لأن التاء تبدل من الواو في موضعين أحدهما مقيس عليه كهذا الموضع: لأنك إذا بنيت افتعل من الوعد قلت اتّعد وكذلك «اتّطدت» في البيت فإنه وطد يطد كما يقال وعد يعد فإذا بني منه افتع قيل «اتّطدت» ولا يقال «اطّأد» ، وأما غير المقيس فقولهم في «وجاه»«تجاه» ، وقالوا «تكلان» وأصله الواو لأنه من «وكل» فأبدلت الواو تاء للاستحسان. ثم قال:
إن المخطىء في التصريف أندر وقوعا من المخطىء في النحو لأنه قلّما تقع له كلمة يحتاج في استعمالها إلى الإبدال والنقل في حروفها. والمعصوم من عصمه الله، والكلام في نصرّف الكاتب في التصريف على ما تقدّم في النحو.