المقبول، فدلّ على قصور فهمه، وتأخر معرفته. مع ما في هذه العلوم الثلاثة من الوسيلة إلى فهم كتاب الله تعالى وكلام رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم اللذين منهما يستمدّ الكاتب شريف المعاني، ويستعير فصيح الألفاظ، بل منهما تستفاد سائر العلوم وتقتبس نفائس الفضائل» . قال:«وقبيح لعمري بالفقيه المؤتمّ به، والقاريء المقتدى بهديه، والمتكلّم المشار إليه في حسن مناظرته، وتمام آلته في مجادلته، وشدّة شكيمته في حجاجه، وبالعربيّ الصّليب، والقرشيّ الصريح، أن لا يعرف فهم إعجاز كتاب الله إلا من الجهة التي يعرفها منها الزّنجيّ والنبطيّ، وأن يستدلّ عليه بما يستدلّ به الجاهل الغبيّ» .
على أن الشيخ بهاء الدين السبكي «١» رحمه الله قد ذكر في «شرح تلخيص المفتاح» أنّ أهل مصر لا يحتاجون إلى هذه العلوم وأنهم يدرونها بالطبع، فقال في أثناء خطبته:«أما أهل بلادنا فهم مستغنون عن ذلك بما طبعهم الله تعالى عليه من الذّوق السليم، والفهم المستقيم، والأذهان التي هي أرقّ من النسيم، وألطف من ماء الحياة في المحيّا الوسيم، أكسبهم النيل تلك الحلاوة، وأشار إليهم بأصابعه فظهرت عليهم هذه الطّلاوة، فهم يدركون بطباعهم ما أفنت فيه العلماء فضلا عن الأغمار «٢» ، الأعمار، ويرون في مرآة قلوبهم الصقيلة ما احتجب من الأسرار خلف الأستار.
والسّيف ما لم يلف فيه صيقل ... من طبعه لم ينتفع بصقال
فيالها غنيمة لم يوجف عليها من خيل ولا ركاب، ولم يزحف إليها بعدو