عسكر، أو قتل أمير كبير بذنب، أو ما يناسب ذلك، أرسل إليه وأعلمه به، وإن كان لا افتقار إلى استئذانه، ولكنها عادة مرعيّة بينهم.
وقد ذكر في «مسالك الأبصار» عن نظام الدين بن الحكيم الطياريّ أنه لم يزل يكتب إلى كلّ من القانات الثلاثة، يأمرهم بالاتحاد والألفة، وإذا كتب إليهم بدأ باسمه قبلهم، وإذا كتبوا إليه بدؤا باسمه قبلهم. قال: وكلهم مذعنون له بالتقدّم عليهم. قال في «مسالك الأبصار» : وأهل هذه المملكة هم أهل الأعمال اللطيفة، والصنائع البديعة؛ التي سلمت إليهم فيها الأمم. وقد تكتب «١» الكتب من أحوالهم بما أغنى عن ذكره. قال: ومن عادة المجيدين في الصنائع أنهم إذا عملوا عملا بديعا، حملوه إلى باب الملك، وعلّق عليه ليراه الناس، ويبقى سنة، فإن سلم من عائب أسدى إلى صاحبه الإحسان، وإن عيب عليه وتوجّه العيب، وضع قدر الصانع ولم يوجه العيب [على] من عابه.
وقد حكى المسعوديّ في «مروج الذهب» أن صانعا منهم صوّر عصفورا على سنبلة في نقش ثوب كمخا وعلقه، فاستحسنه كل من رآه، حتّى مرّ به رجل فعابه باستقامة السنبلة، لأن العصفور من شأنه أنه إذا وضع «٢» على السنبلة أمالها.
وحكى في «مسالك الأبصار» عن بدر الدين حسن الإسعرديّ أن بعض صنّاعهم عمل ثيابا من الورق وباعها على أنها من الكمخاوات «٣» الخطائية، لا يشكّ فيها شاكّ، ثم أظهرهم على ذلك فعجبوا منه.
وحكي عن الشريف حسن السّمرقنديّ أنه كان بهذه البلاد، فشكا ضرسه، فأراه لرجل من الخطا، فوضع يده عليه، فأخرج منه قطعة متأكلة، ووضع مكانها قطعة من ضرس أجنبيّ، ودهنه بدهن وأمره أن لا يشرب ماء يومه، فالتصق حتّى