للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذا الزمان ريحه، وخبت مصابيحه، وناداهم الأدب سواكم أعني:

و «ربّ كلمة تقول دعني» .

وما بعض الإقامة في ديار ... يهان بها الفتى إلا بلاء

فعند ذلك أزمع هذا العلم الترحل، وآذن بالتحوّل.

وإذا الكريم رأى الخمول نزيله ... في منزل فالرّأي أن يتحوّلا

وفزع إلى مصر فألقى بها عصا التّسيار، وأنشد من نادى من تلك الديار.

أقمت بأرض مصر فلا ورائي ... تخبّ بي الرّكاب ولا أمامي»

ولقد أحسن رحمه الله في بيان السبب، والتعويل في انجبال أهل مصر على هذا العلم على علاقة الصّهر والنسب حيث قال في أوائل خطبته في أثناء الصلاة على النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: «صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ما خفقت للبلاغة راية مجد في بني غالب بن فهر، وتعلّقت بأزمة الفصاحة أهل مصر: لما لهم من نسب وصهر» .

قال الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي «١» رحمه الله في كتابه «حسن التوسل إلى صناعة الترسل» : وهذه العلوم وان لم يضطرّ إليها ذو الذّهن الثاقب، والطبع السليم، والقريحة المطاوعة والفكرة المنقّحة، والبديهة المجيبة، والروية المتصرّفة، لكن العالم بها متمكّن من أزمّة المعاني، وصناعة الكلام، يقول عن علم، ويتصرف عن معرفة، وينتقد بحجة، ويتخير بدليل، ويستحسن ببرهان، ويصوغ الكلام بترتيب» .

وحقيق ما قاله. فإن الأديب والكاتب العاريين عن هذه العلوم قاصران، عن أدنى رتب الكمال يحيدان، ولا يدريان كيف يجيبان؛ فلو سئل كل منهما

<<  <  ج: ص:  >  >>