صاحب الديار المصرية حينئذ هدية نفيسة، وسأل أن يكتب له أمانا، فقبلت هديته وكتب له بالأمان، وقرّرت عليه إتاوة لملوك مصر، وأعيدت رسله في سنة ثمانين وستمائة. ومات بقلعة تعزّ سنة أربع وتسعين وستمائة.
وملك بعده ابنه الأشرف ممهّد الدين (عمر بن المظفّر يوسف) وبقي حتّى مات سنة ست وتسعين وستمائة.
ثم ملك بعده أخوه الملك المؤيد (هزبر الدين داود) واستمر على مواصلة ملوك مصر بالهدايا والتّحف والضريبة المقرّرة عليه. وتمذهب بمذهب الشافعى رضي الله عنه واشتغل بالعلم واعتنى بجمع الكتب. حتّى اشتملت خزائنه على مائة ألف مجلّد؛ وبرّ العلماء، وكانت تحفه تصل إلى الشيخ تقيّ الدين بن دقيق العيد رحمه الله في كل وقت؛ وتوفي سنة إحدى وعشرين وسبعمائة.
وملك بعده ابنه الملك المجاهد (سيف الدين علي) وكان في الأيام الناصرية «محمد بن قلاوون» صاحب الديار المصرية، فأساء السيرة، فقبض عليه وخلع وحبس في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة.
وملك بعده عمّه الملك المنصور (أيوب بن المظفّر يوسف) ثم قتله شيعة المجاهد، وأعادوا الملك المجاهد. وكان الظاهر أسد الدين عبد الله بن المنصور أيوب بحصن الدّملوة المقدّم ذكره فعصى عليه، وملك عدن وغيرها. وبعث الملك المجاهد للملك الناصر «محمد بن قلاوون» يستصرخه على الظاهر عبد الله. فجهّز إليه العساكر فوصلت إليه سنة خمس وعشرين وسبعمائة، فأوقعوا الصلح بينهما على أن تكون الدّملوة للظاهر المذكور، وتمهّد اليمن للمجاهد، واستنزل الظاهر عن الدّملوة؛ ثم قبض عليه وقتله.