ونزوله، وعامّة أموره، يجلس ويجالس، ويعود المرضى، ويصلّي بالناس وعلى الجنائز؛ ويشيّع الموتى ويحضر دفن بعضهم. قال: ولشيعته فيه حسن اعتقاد، ويستشفون بدعائه، ويمرّون يده على مرضاهم، ويستسقون المطر به إذا أجدبوا، ويبالغون في ذلك مبالغة عظيمة، قال «المقرّ الشهابيّ بن فضل الله» :
ولا يكبر لإمام هذه سيرته (في التواضع لله وحسن المعاملة لخلقه، وهو من ذلك الأصل الطاهر، والعنصر الطيب) أن يجاب دعاؤه، ويتقبّل منه. وينادى ببلاد هذا الإمام في الأذان «بحيّ على خير العمل» بدل الحيعلتين «١» ، كما كان ينادى بذلك في تأذين أهل مصر في دولة الخلفاء الفاطميين بها. قال في «التعريف» :
وأمراء مكة تسرّ طاعته، ولا تفارق جماعته. قال ابن غانم: هذا الإمام يعتقد في نفسه ويعتقد أشياعه فيه أنه إمام معصوم، مفترض الطاعة، تنعقد به عندهم الجمعة والجماعة، ويرون أنّ ملوك الأرض وسلاطين الأقطار يلزمهم طاعته ومبايعته، حتى خلفاء بني العباس، وأن جميع من مات منهم مات عاصيا بترك مبايعته ومتابعته. قال: وهم يزعمون ويزعم لهم أن سيكون لهم دولة يدال بها بين الأمم، وتملك منتهى الهمم، وأن الإمام الحجة المنتظر في آخر الزمان منهم.
وذكر عن رسول هذا الإمام، الواصل إلى مصر: أن الأئمة في هذا البيت أهل علم يتوارثونه: إمام عن إمام، وقائم عن قائم. وذكر عن بعض من مرّ بهم أنه فارقهم في سنة اثنتين وثلاثين وسبعمائة وهم لا يشكّون أنه قد آن أوان ظهورهم، وحان حين ملكهم، ولهم رعايا تختلف إلى البلاد، وتجتمع بمن هو على رأيهم، تصوّن ضعف الدولة في أقطار الأرض.
وحكى «المقرّ الشهابيّ بن فضل الله» عن قاضي القضاة كمال الدين محمد ابن الزملكاني قاضي حلب: أنه مات رجل من شيعتهم بحلب، فوجد عنده صندوقان، ضمنهما كتب من أئمة هذه البلاد إلى ذلك الرجل وإلى سلفه، يستعرفون فيها