جنائب، وأكثر ما يجرّ الأمير في الحضر جنيبان، وفي السفر يتعاطى كلّ أحد منهم قدر طاقته.
وأما اتصال الأخبار بالسلطان، فذكر قاضي القضاة سراج الدين الهنديّ: أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال: فأحوال الرعيّة له ناس يخالطون الرعيّة، ويطّلعون على أخبارهم، فمن اطّلع منهم على شيء أنهاه إلى من فوقه، وينهيه الآخر إلى من فوقه حتى يتّصل بالسلطان. وأحوال البلاد النائية لاتصال الأخبار منها من السرعة ما ليس في غيرها من الممالك، وذلك أن بين أمّهات الأقاليم وبين قصر السلطان أماكن متقاربة، مشبّهة بمراكز البريد بمصر والشأم إلا أن هذه الأماكن قريبة المدى بعضها من بعض، بين كل مكانين نحو أربع غلوات سهم أو دونها، في كلّ مكان عشرة سعاة ممن له خفّة وقوّة، ويحمل الكتب بينه وبين من يليه، ويعدو بأشدّ ما يمكنه إلى أن يوصّله إلى الآخر ليعدو به كذلك إلى مقصده، فيصل الكتاب من المكان البعيد في أقرب وقت. وفي كلّ مكان من هذه الأمكنة مسجد وسوق وبركة ماء. وبين دلّي وقبّة الإسلام اللتين هما قاعدتا المملكة طبول مرتّبة في أمكنة خاصّة، فحيثما كان في مدينة وفتح باب الأخرى أو أغلق يدقّ الطبل، فإذا سمعه ما يجاوره دقّ، فيعلم خبر فتح المدينة وفتح باب الأخرى وغلقه.