من الاستشهاد، والتنبيه على آي القرآن في خلال كلامه، دون الإشارة إليه، والاقتصار على اقتباس معناه.
ومن ذلك قول علاء الدين بن غانم «١» من خطبة «٢» قدمة كتب بها لمظفر الدين موسى بن أقوش وقد صرع لغلغة، وادعى بها للملك المؤيد صاحب حماه: نحمده على توفيقه الذي ساد به من ساد وسما، وأصاب بتفويقه بمعونة ربه طير السما، فحسن أن يتلى (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى)
«٣» .
ومن ذلك قولي في المقامة التي أنشأتها في كتابة الإنشاء، في الكلام على فضل الكتابة: فقد نطق القرآن الكريم بفضلها، وجاءت السنة الغراء بتقديم أهلها، فقال جل ثناؤه، وتقدست أسماؤه (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)
«٤» فأخبر تعالى أنه علم بالقلم، حيث وصف نفسه بالكرم، إشارة إلى أن تعليمها من جزيل نعمه، وإيذانا بأن منحها من أوفر جوده وفائض ديمه؛ وقال جلت قدرته (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ)
«٥» فأقسم بالقلم، وما سطرته الأقلام، وأتى بذلك في آكد قسم، فكان من أعظم الأقسام. وقال جلت عظمته (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ)
«٦» فجعل الكتابة من وصف الكرام، كما قد جاء فعلها عن جماعة الأنبياء عليهم السلام، وإنما منعها النبي صلى الله عليه وآله وسلّم معجزة قد بين