بالأمير خاصّة حتّى إن بعض شعرائه رفع إليه قصيدة مدحه بها أوّلها:(وافر) .
ألا جل بالأمير المؤمنينا ... فأنت بها أحقّ العالمينا.
فأنكر ذلك عليه. وإنما حمل المستنصر على ذلك أن الخلافة في زمنه قد تعطّلت في سائر الأقطار. وذلك أن الخلافة الأمويّة ودعاوى بني عبد المؤمن قد زالت عنها في المغرب بغلبة بني مرين عليهم وانتزاعهم الأمر منهم، وخلافة العبيديّين قد زالت من مصر، وخلافة بني العبّاس قد زالت من بغداد باستيلاء التّتر عليها.
وأما مبدأ دولتهم ومصير آخرها إلى بني أبي حفص بأفريقيّة، فإن أصل قيامها ابن تومرت: وهو محمد بن عبد الله تومرت، بن وجلّيد، بن يامصال، بن حمزة، ابن عيسى فيما ذكره محققو المؤرخين. وبعضهم يقول: محمد بن تومرت، بن نيطاوس، بن سافلا، بن مسيعون، بن ايكلديس، بن خالد، أصله من هرغة من بطون المصامدة من البربر. وبعض المؤرّخين يجعل نسبه في أهل البيت ويقول: هو محمد بن عبد الله، بن عبد الرحمن، بن هود، بن خالد، بن تمام، بن عدنان، بن سفيان، بن صفوان، بن جابر، بن عطاء، بن رباح، بن محمد، من ولد سليمان بن عبد الله، بن حسن، بن الحسن، بن عليّ، بن أبي طالب. وسليمان هذا أخو إدريس الأكبر الذي كان لبنيه الدولة بالغرب على ما مرّ «١» في الكلام على مكاتبة صاحب برّ العدوة.
ويقال إن سليمان هذا لحق بالمغرب إثر أخيه إدريس. وقيل: بل هو من قرابة إدريس اللاحقين به إلى المغرب ويكون على هذا المقتضى نسبه قد التحم بنسب المصامدة، واتصل بهم وصار في عدادهم كما تقدّم في نسب أبي حفص.
وكان أهل بيته أهل دين وعبادة، وشبّ محمد هذا فيهم قارئا محبّا للعلم، وارتحل في طلب العلم إلى المشرق على رأس المائة الخامسة، ومرّ بالأندلس،