جعلت جامعا، وبها يستخرج من البحر شجر المرجان الذي لا يعدله مرجان.
ويقابلها من الأندلس الجزيرة الخضراء وبحر الروم بينهما ضيّق، حتّى إنه إذا كان الصحوريئت إحداهما من الأخرى، ولذلك يسمّى بحرها بحر الزّقاق، وميناها شرقيّها، وغالب طرف الدنيا موجودة فيها، والحنطة مجلوبة إليها إذ لا يزكو نباتها فيها، ويصاد بها أسماك مختلفة على نحو مائة نوع. ويقابل هذه المدينة من برّ الأندلس الجزيرة الخضراء.
وكانت هذه المدينة قاعدة لهذا القطر قبل الإسلام، وهي يومئذ ديار عمارة من المصامدة، والحاكم عليها ملك الأندلس من القوط، وكان ملك عمارة بها في زمن الفتح يقال له يليان «١» ؛ ولما زحف إليه موسى بن نصير المذكور أمير أفريقيّة في زمن الفتح جاء معه بالهدايا، وأذعن لأداء الجزية فأقرّه عليها، واسترهن ابنه وأبناء قومه، وأنزل طارق بن زياد «٢» بطنجة بالعساكر إلى أن أجاز البحر لفتح الأندلس كما سيأتي في الكلام على مكاتبة صاحب الأندلس.
ولما هلك يليان استولى المسلمون من العرب على مدينة سبتة بالصّلح من أهلها فعمروها إلى أن كانت فتنة ميسرة الخفير وما دعا إليه من مذهب الخوارج وأخذ به الكثير من البربر من غمارة وغيرهم، فزحف برابرة طنجة إلى سبتة فأخرجوا العرب منها وخرّبوها، وبقيت خالية إلى أن عمرها ماجكس من وجوه غمارة من البربر وبناها وأسلم وصحب أهل العلم، فرجع الناس إليها ومات.
فقام بأمره من بعده ابنه (عصام) فأقام بها زمنا إلى أن مات.