ثم ثار بفاس سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة (الحسن بن محمد) بن القاسم، بن إدريس الملقب بالحجّام، ودخل فاس على حين غفلة من أهلها وقتل ريحانا واليها، واجتمع الناس على بيعته، ثم خرج لقتال ابن أبي العافية والتقوا، فهلك جماعة من مكناسة ثم كانت الغلبة لهم. ورجع الحسن مهزوما إلى فاس فغدر به عامله على عدوة القرويّين: حامد بن حمدان الهمداني، فقبض عليه واعتقله وأمكن ابن أبي العافية من البلد، وزحف إلى عدوة الأندلسيين فملكها وقتل عاملها، وولّى مكانه أخاه محمدا، واستولى ابن أبي العافية على فاس وجميع المغرب وأجلى الأدارسة عنه.
ثم استخلف على المغرب الأقصى ابنه (مدين) وأنزله بعدوة القرويّين، واستعمل على عدوة الأندلسيّين طوال بن أبي زيد «١» ، وعزل عنه محمد بن ثعلبة.
ونهض إلى تلمسان سنة تسع عشرة وثلاثمائة فملكها، وغلب عليها صاحبها الحسن بن أبي العيش بن عيسى، بن إدريس، بن محمد بن سليمان: من عقب سليمان ابن عبد الله: أخي إدريس الأكبر الداخل إلى المغرب بعده؛ ورجع بعد فتحها إلى فاس وخرج عن طاعة العبيديين، وخطب للناصر الأمويّ خليفة الأندلس على منابر عمله، فبعث عبيد الله المهديّ قائده حميدا المكناسيّ ابن أخى مصالة إلى فاس، ففرّ عنها مدين بن موسى بن أبي العافية إلى أبيه فدخلها حميد، ثم استعمل عليها حامد بن حمدان ورجع إلى أفريقيّة، وقد دوّخ المغرب.
ثم انتقض أهل المغرب على العبيديين بعد مهلك عبيد الله، وثار (أحمد بن بكر) بن عبد الرحمن بن سهل الجذاميّ على حامد بن حمدان عامل فاس، فقتله وبعث برأسه إلى موسى بن أبي العافية، فبعث به إلى الناصر الأمويّ بالأندلس واستولى على المغرب، وزحف (ميسور الخصيّ) قائد أبي القاسم بن عبيد الله