نازعه الأمير أبو الكمال (تميم بن زيري) بن يعلى اليفرني سنة أربع وعشرين وأربعمائة؛ واستقلّ بملك المغرب وبقي حتى مات سنة إحدى وثلاثين وأربعمائة.
وولي من بعده ابنه (دوناس) المعروف بأبي العطّاف، واستولى على فاس وسائر عمل أبيه، فاستقامت دولته، واحتفل بعمارة فاس وأدار السّور على أرباضها، وبنى بها المصانع، والحمّامات، والفنادق، وبقي حتى مات سنة إحدى وخمسين وأربعمائة.
وولي من بعده ابنه (الفتّوح بن دوناس) ونازعه أخوه الأصغر عجيسة واستولى على عدوة القرويّين من فاس، وبقي الفتّوح بعدوة الأندلسيّين، وافترق أمرهما ووقعت الحرب بينهما؛ وابتنى الفتّوح بعدوة الأندلسيين (باب الفتوح) المعروف به إلى الآن، وابتنى عجيسة بعدوة القرويين (باب الجيسة) المعروف به إلى الآن، وحذفت العين منه لكثرة دورانه على الألسنة، وبقي الأمر على ذلك حتى ظفر الفتوح بأخيه عجيسة، وقتله سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة، ودهم المغرب على إثر ذلك ما دهمه من أمر المرابطين من لمتونة، وخشي الفتّوح عاقبة أمرهم، فرحل عن فاس وتركها.
وزحف صاحب القلعة (بلكين) بن محمد بن حمّاد إلى المغرب سنة أربع وخمسين، فدخل فاس واسترهن بعض أشرافهم على الطاعة ورجع إلى عمله، وولّى على المغرب بعد الفتّوح (معتصر) بن حماد، بن معتصر، بن المعز، بن زيري.