الفنون، فقد كانت الإفادة منه عسيرة على القراء، إذ جاء خلوا من الفهارس الجامعة والتفصيلية التي تقود الباحث إلى طريقه وتدله على بغيته من أقرب الطرق. واستمر وضع كتاب «صبح الأعشى» - من حيث الطباعة والنشر- على هذه الحال نحوا من ثلاث وعشرين سنة؛ ومن نافل القول أن صعوبة الحصول عليه والإفادة منه كانت تتفاقم مع مر السنين. وفي حزيران ١٩٦٣ م أقدمت المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر على إعادة نشر الكتاب كاملا في طبعة مصورة عن الطبعة الأميرية. وقد بذل الأستاذ محمد عبد الرسول (رئيس التصحيح العربي بالقسم الأدبي بالمطبعة الأميرية) جهدا مشكورا في تصحيح الكتاب وتقويم ما بأصله من التحريف الكثير والتصحيف الغريب، زيادة على ما فيه من الطمس والسقم في مواضع من بعض أجزائه «١» . وإذا كانت هذه الطبعة قد جعلت الكتاب، كاملا، في متناول عدد كبير من الباحثين والقراء، فإن الحاجة إلى تيسير الإفادة منها ظلت قائمة بغياب الفهارس التفصيلية. ذلك أن بقاء هذه الموسوعة دون فهارس تجعلها- كما يقول الدكتور سعيد عبد الفتاح عاشور في تقديمه لكتاب فهارس صبح الأعشى- أشبه بغابة ضخمة، كثيرة الخيرات، متعددة الثمار، ولكنها وعرة المسالك متشابكة الأغصان، بحيث يصعب على من يطرقها أن يخرج منها بما يشتهي ويريد. ثم قام الأستاذ محمد قنديل البقلي بمجهود كبير يشكر عليه، وذلك بوضعه فهارس تفصيلية شاملة لكتاب الصبح، تعتبر كشافا هاما لمن يريد ارتياد تلك الغابة الضخمة، وذلك سنة ١٩٧٠ م.
والذي أصاب الطبعة الأولى من كتاب الصبح، أصاب طبعته الثانية، وذلك مع تقادم الزمن وازدياد الحاجة إليه واتساع دائرة الباحثين فيه وعنه بحيث وجدنا أنفسنا من جديد أمام صعوبة الحصول عليه، وندرة مجموعاته الكاملة؛ هذا بالإضافة إلى ما وجدناه من ضرورة إعادة ضبطه ومقابلة نصوصه ووضع حواشي