بالغرب الأقصى سار إلى تلمسان سنة أربع عشرة وسبعمائة فانتزعها من موسى بن عثمان بن يغمراس: سلطان بني عبد الواد بها، وانتقض عليه محمد بن يحيى العزفي صاحب سبتة فسار إليه في سنة ثمان وعشرين وسبعمائة فأذعن للطاعة، وأحضر عبد المهيمن بن محمد الحضرمي «١» من سبتة وولاه ديوان الإنشاء والعلامة.
وفي أيامه قصد بطرة وجوان ملك النصارى بالأندلس غرناطة. فاستغاثوا به، فأجاز البحر إليهم ولقي عساكر النصارى فهلك بطرة وجوان في المعركة وكانت النّصرة للمسلمين. وتوفّي في ذي الحجّة سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة.
وبويع بعده ابنه وليّ عهده أبو الحسن (علي بن عثمان) وهو الذي كان في عصر المقرّ الشهابيّ بن فضل الله. وسار إلى تلمسان سنة سبع وثلاثين وسبعمائة، فملكها من ابن أبي تاشفين سلطان بني عبد الواد بها بعد أن قتله بقصره. وملك تونس من يد أبي يحيى سلطان الحفصيين بها في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، واتصل ملكه ما بين برقة إلى السّوس الأقصى والبحر المحيط الغربي، ثم استرجع الحفصيّون تونس بعد ذلك. وملك بعد ذلك سجلماسة قاعدة من بلاد الصحراء بالغرب الأقصى، وبقي حتّى مات في الثالث والعشرين من ربيع الآخر سنة ثنتين وخمسين وسبعمائة بجبل هنتاتة.
وبويع بعده ابنه (أبو عنان بن أبي الحسن) وكان بنو عبد الواد قد استعادوا تلمسان في أيام أبيه فارتجعها منهم في سنة ثلاث وخمسين، ونزل له الأمير محمد ابن أبي زكريا صاحب بجاية عنها فانتظمت في ملكه. وملك قسنطينة من الحفصيّين بعد ذلك بالأمان. ثم ملك تونس من أيديهم سنة ثمان وخمسين. ورجع