الأدب في هذا الأسلوب كلام فاستوعره واستنكره، وقال: هذا لا يتهيأ إلا في الشيء اليسير من الأخبار النبوية- فقلت لا، بل يتهيأ في الأكثر منها- فقال قد ورد عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم:«أنه اختصم إليه في جنين فقضى على من أسقطه بغرة «١» عبد أو أمة» فأين تستعمل هذا؟ فأفكرت فيما ذكره ثم أنشأت هذا الفصل من الكلام، وأودعته فيه وهو:«قد كثر الجهل حتى لا يقال فلان عالم وفلان جاهل. وضرب المثل بباقل وكم في هذه الصورة الممثلة من باقل، ولو عرف كل إنسان قدره لما مشى بدن إلا تحت رأسه، ولا انتصب رأس إلا على بدنه، ولكان صاحب العمامة أحق بعمامته وصاحب الرسن أحق برسنه. وكنت سمعت بكاتب من الكتاب كلمه إلى غثاثة وقلمه بغاثة لا يستنسر وأي بطش لبغاثة «٢» . وإذا وجب الوضوء على غيره بالخارج من السبيلين، وجب عليه من سبل ثلاثة. هذا وهو يدعي أنه في الفصاحة أمة وحده، ومن قس إياد أو سحبان وائل عنده، وإذا كشف خاطره وجد بليدا لا يخرج عن العمه والكمه «٣» وإن رام أن يستنتجه في حين من الأحيان قضى عليه بغرة عبد أو أمة، وكثيرا ما يتقدم ونقيصته هذه على الأفاضل من العلماء، وقد صار الناس إلى زمان يعلو فيه حضيض الأرض على هام السماء» . فلما أوردته عليه، ظهرت أمارة الحسد على صفحات وجهه مع إعجابه به واستغرابه فيه إياه.
ثم قال: وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم هذا الحديث وهو «لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة ولا تمثال» فهذا أين يستعمل من المكاتبات؟ فترويت