وأما قرطبة فاستولى عليها بنو جهور. وكان رئيس الجماعة بقرطبة أيام فتنة بني أميّة، أبو الحزم (جهور بن محمد) بن جهور، بن عبد الله، بن محمد، بن الغمر، بن يحيى، بن أبي المعافر، بن أبي عبيدة الكلبيّ، وأبو عبيدة هذا هو الداخل إلى الاندلس، وكانت لهم وزارة بقرطبة بالدولة العامريّة. ولما خلع الجند «المقتدر بالله «١» » آخر خلفاء بني أميّة بالأندلس، استبدّ جهور بالأمر واستولى على المملكة بقرطبة سنة ثنتين وعشرين وأربعمائة، وكان على سنن أهل الفضل، فأسندوا أمرهم إليه إلى أن يوجد خليفة، ثم اقتصروا عليه فدبّر أمرهم إلى أن هلك في المحرّم سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وولي مكانه ابنه (أبو الوليد محمد بن جهور) فخلعه أهل قرطبة سنة إحدى وستين وأربعمائة، وأخرجوه [ثم فوض التدبير إلى ابنه عبد الملك بن أبي الوليد فأساء السيرة فأخرجوه]«٢» عن قرطبة، فاعتقل [بشلطيلش]«٣» إلى أن مات سنة ثنتين وستين.
وولّى ابن عبّاد على قرطبة ابنه (سراج الدّولة) وقتله ابن عكّاشة سنة سبع وستين، ودعا لابن ذي النّون (يحيى بن إسماعيل) وقدمها ابن ذي النّون من بلنسية وقتل بها مسموما.
وزحف المعتمد بن عبّاد بعد مهلكه إلى قرطبة، فملكها سنة أربع وثمانين وأربعمائة.