وأما طليطلة، فاستولى عليها بنو ذي النّون. وذلك أن الظافر إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذي النون الهوّاري [تغلّب]«١» أيام الفتنة على حصن أفلنتين سنة تسع وأربعمائة، وكانت طليطلة ليعيش بن محمد بن يعيش وليها في أوّل الفتنة، فلما مات سنة سبع وعشرين مضى إسماعيل الظافر إلى طليطلة فملكها، وامتد ملكه إلى جنجالة من عمل مرسية، ولم يزل بها إلى أن هلك سنة تسع وعشرين.
فولي مكانه ابنه المأمون (أبو الحسن يحيى) فاستفحل ملكه، وعظم بين ملوك الطوائف سلطانه، ثم غلب على بلنسية وقرطبة، ومات مسموما سنة سبع وستين وأربعمائة.
وولي بعده طليطلة حافده (القادر يحيى) بن إسماعيل بن المأمون يحيى بن ذي النون.
وكان الطاغية أدفونش ملك الفرنج بالأندلس قد استفحل أمره عند وقوع الفتنة بين ملوك الأندلس فضايق ابن النون حتّى تغلّب على طليطلة وخرج له عنها (القادر يحيى) سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، وشرط عليه أن يظاهره على أخذ بلنسية، فقبل شرطه وتسلّمها الأدفونش ملك الفرنج، وبقيت معه إلى الآن أعادها الله تعالى إلى نطاق الإسلام.
وأما شاطبة وما معها من شرق الأندلس، فاستولى عليها العامريون. بويع للمنصور (عبد العزيز) بن الناصر عبد الرحمن بن أبي عامر بشاطبة سنة إحدى عشرة وأربعمائة، أقامه الموالي العامريّون عند الفتنة البربرية في زمن بني أميّة، فاستبدّ بها، ثم ثار عليه أهل شاطبة فترك شاطبة ولحق ببلنسية فملكها، وفوّض أمره للموالي.