أنها لم يؤمن حرها من الخطفة «١» ، ولا نقلت حماها إلى الجحفة» «٢» . أخذ المعنى الأول من قوله صلى الله عليه وسلّم «من صبر على حر مكة ولأواء المدينة ضمنت له على الله الجنة» . والمعنى الثاني من قوله صلى الله عليه وسلّم في دعائه للمدينة:«اللهم حببها إلينا كما حببت إلينا مكة وانقل حماها إلى الجحفة» ورشح ذلك بمعنى قوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ
«٣» حيث قال إلا أنها لم يؤمن حرها من الخطفة.
ومن ذلك ما ذكره في وصف كريم، وهو:«فأغنى بجوده إغناء المطر، وسما إلى المعالي سمو الشمس وسار في منازلها مسير القمر. ونتج من أبكار فضائله. ما إذا ادعاه غيره قيل للعاهر الحجر» . أخذ ذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلّم «الولد للفراش وللعاهر الحجر» . إلى غير ذلك من مقتبساته المستكثرة، واستنباطاته التي هي غير قاصرة ولا مستنكرة.
ومن ذلك ما ذكرته أنا في المفاخرة بين السيف والقلم، وهو:«وبدأ القلم فتكلم، ومضى في الكلام بصدق عزم فما توقف ولا تلعثم؛ فقال باسم الله تعالى أستفتح، وبحمده أتيمن وأستنجح؛ إذ من شأني الكتابة، ومن فني الخطابة، وكل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله تعالى، فهو أجذم، وكل كلام لا يفتتح بحمد الله فأساسه غير محكم» . أخذت ذلك من قوله صلى الله عليه وسلّم «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم الله أو بحمد الله فهو أجذم» على اختلاف الرواية في ذلك.