حيث سلطان الشمس قاهر، وذلك عند أخذ النّيل في الارتفاع والزيادة. فإذا انحطّ النيل تتبّع حيث ركب عليه من الأرض، فيوجد منه ما هو نبات يشبه النجيل وليس به. ومنه ما يوجد كالحصى. فجعل الجميع مما يحدث في هذا الزمن في أماكن النيل خاصّة، وفيه مخالفة لما تقدّم. بل قد قال: إن شهر (أغشت) الذي يطلع فيه الذهب وهو من شهور الروم، ويقع- والله أعلم- أنه يركّب من (تمّوز) و (آب) يعني من شهور السريان، وهذا غلط فاحش. فقد تقدّم في المقالة الأولى أن شهور الروم منطبقة على شهور السّريان في الابتداء والانتهاء، دون ابتداء أوّل السنة، وشهر (أغشت) من شهور الروم هو شهر (آب) من شهور السريان بعينه.
ثم قد حكى في «مسالك الأبصار» عن والي مصر عن (منسا موسى) المقدم ذكره: أن الذهب ببلاده حمّى له، يجمع له متحصله كالقطيعة، إلا ما يأخذه أهل تلك البلاد منه على سبيل السّرقة.
وحكي عن الشيخ سعيد الدّكّاليّ: أنه إنما يهادى بشيء منه كالمصانعة، وأنه يتكسّب عليهم في المبيعات لأنّ بلادهم لا شيء بها. ثم قال: وكلام الدّكّالي أثبت وعليه ينطبق كلامه في «التعريف» حيث ذكر غانة ثم قال: وله عليها إتاوة مقرّرة تحمل إليه في كلّ سنة. وبهذه البلاد أيضا معدن نحاس وليس يوجد في السّودان إلا عندهم. قال الشيخ عيسى الزواوي: قال لي السلطان موسى: إن عنده في مدينة اسمها (نكوا) معدن نحاس أحمر، يجلب منه قضبان إلى مدينة بنبى قاعدة مالّي فيبعث منه إلى بلاد السّودان الكفّار، فيباع وزن مثقال بثلثي وزنه من الذهب، يباع كلّ مائة مثقال من هذا النحاس بستة وستين مثقالا وثلثي مثقال من الذهب.
وبهذه البلاد (معدن ملح) وليس في شيء من السّودان الوالجين في الجنوب والمسامتين لسجلماسة وما وراءها ملح سواه. قال «المقرّ الشهابيّ بن