فمن خطبهم في الجاهلية خطبة كعب بن لؤي جد النبي «١» صلى الله عليه وسلّم فيما ذكره أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل. وهي: اسمعوا وعوا وتعلموا تعلموا، وتفهموا تفهموا! ليل ساج. ونهار صاج «٢» ، والأرض مهاد، والجبال أوتاد، والأولون كالآخرين، كل ذلك إلى بلاء، فصلوا أرحامكم، وأصلحوا أموالكم، فهل رأيتم من هلك رجع، أو ميتا نشر، الدار أمامكم والظن خلاف ما تقولون، زينوا حرمكم وعظموه، وتمسكوا به ولا تفارقوه، فسيأتي له نبأ عظيم، وسيخرج منه نبي كريم. ثم قال:
نهار وليل واختلاف حوادث ... سواء علينا حلوها ومريرها
يؤ وبان بالأحداث حتى تأوبا ... وبالنعم الضافي علينا ستورها
صروف وأنباء تقلب أهلها ... لها عقد ما يستحيل مريرها
على غفلة يأتي النبي محمد ... فيخبر أخبارا صدوقا خبيرها
ثم قال:
يا ليتني شاهد فحواء دعوته ... حين العشيرة تبغي الحق خذلانا
ومن ذلك خطبة قس بن ساعدة الأيادي، بسوق عكاظ فيما نقله أصحاب السير عن إخبار النبي صلى الله عليه وسلّم عنه وهي: أيها الناس، اسمعوا وعوا، من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت، ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة وأنهار مجراة. إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا! ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون أرضوا فأقاموا، أم تركوا فناموا؟ يقسم قس بالله قسما لا إثم فيه إن لله دينا هو أرضى له وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكرا! ويروى أن قسا أنشأ بعد ذلك يقول: