إلى أن سألهم الملك الكامل في الصّلح على أن يكون لهم القدس، وعسقلان، وطبريّة، واللاذقيّة، وجبلة، وسائر ما فتحه السلطان صلاح الدين من سواحل الشأم، خلا الكرك والشّوبك، فأبوا إلا أن يكون لهم الكرك والشّوبك أيضا، وأن يعطوا مع ذلك ثلاثمائة ألف دينار في نظير ما خرّبوه من سور القدس، فاعمل المسلمون حينئذ الحيلة في إرسال فرع من النيل في إبّان زيادته، حال بين الفرنج وبين دمياط، انقطع بسببه الميرة عنهم، وأشرفوا على الهلاك، وكان آخر أمرهم أن أعرضوا عن جميع ما كانوا سئلوا به من الأماكن المتقدّمة الذكر ونزلوا عن دمياط للمسلمين، وتسلّمها الملك الكامل منهم، ثم عاد إلى مصر وبقيت دمياط بيد المسلمين إلى أن قصدها الفرنسيس في خمسين ألف مقاتل، ومعه الأدفونش صاحب طليطلة في أيام الملك «الصالح أيوب» بن الكامل محمد، بن العادل أبي بكر، بن أيّوب في سنة سبع وأربعين وستمائة، وهجم دمياط، وملكها عنوة، وسار الملك الصالح فنزل بالمنصورة، وسار الفرنج فنزلوا مقابله ثم قصدوا دمياط فتبعهم المسلمون وبذلوا فيهم السيف، فقتلوا منهم نحو ثلاثين ألفا، وأسر الفرنسيس وحبس بالمنصورة بدار الصاحب «فخر الدين إبراهيم بن لقمان» صاحب ديوان الإنشاء، ووكّل به الطّواشيّ صبيح «المعظميّ» ومات الصالح في أثناء ذلك، واستقر ابنه الملك المعظّم مكانه في الملك؛ ثم قتل عن قريب، وفوّض الأمر إلى «شجرة الدّرّ»«١» زوجة الملك الصالح، وقام بتدبير المملكة معها «أيبك التّركمانيّ» ثم تسلّم المسلمون دمياط من الفرنسيس وأطلقوه فسار إلى بلاده فيمن بقي معه من جماعته. وفي ذلك يقول جمال الدّين يحيى «٢» بن مطروح الشاعر: (سريع) .