تخلّف منكم بعد قبض عطائه أحد لأضربنّ عنقه وأنهبنّ ماله. ثم التفت إلى أهل الشام فقال: أنتم البطانة والعشيرة! والله لريحكم أطيب من ريح المسك الأذفر «١» ، وإنما أنتم كما قال الله تعالى ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً
«٢» الآية؛ والتفت إلى أهل العراق فقال: والله لريحكم أنتن من ريح الأبخر «٣» ، وإنما انتم كما قال الله وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ
«٤» الآية.
ومن خطبه لما قدم البصرة يتهدّد أهل العراق ويتوعدهم:
أيّها الناس: من أعياه داؤه فعندي دواؤه!، ومن استطال أجله، فعليّ أن أعجله؛ ومن ثقل عليه رأسه وضعت عنه ثقله، ومن استطال ماضي عمره قصّرت عليه باقيه. إن للشيطان طيفا، وللسلطان سيفا! فمن سقمت سريرته، صحّت عقوبته؛ ومن وضعه ذنبه، رفعه صلبه؛ ومن لم تسعه العافية، لم تضق عنه الهلكة؛ ومن سبقته بادرة فمه، سبق بدنه بسفك دمه؛ إني أنذر ثم لا أنظر، وأحذّر ثم لا أعذر، وأتوعد ثم لا أعفو. إنما أفسدكم ترنيق «٥» ولاتكم؛ ومن استرخى لبّه، ساء أدبه. إن الحزم والعزم سكنا في وسطي، وأبدلاني به سيفي: فقائمه في يدي، ونجاده في عنقي، وذبابه «٦» قلادة لمن عصاني!؛ والله لا آمر أحدكم أن يخرج من باب من أبواب المسجد فيخرج من الباب الذي يليه إلا ضربت عنقه.
ولعمر بن عبد العزيز، وسليمان بن عبد الملك من خلفاء بني أمية، وأبي جعفر المنصور، وهارون الرشيد، وابنه المأمون من خلفاء بني العباس،