والنعت تارة يكون صفة مدح، وتارة يكون صفة ذمّ، ولا شكّ أن المراد هنا من اللقب والنّعت ما أدّى إلى المدح دون الذمّ. وقد اصطلح الكتّاب على أن سمّوا صفات المدح التي يوردونها في صدور المكاتبات ونحوها بصيغة الإفراد كالأمير والأميريّ والأجلّ والأجلّيّ والكبير والكبيريّ ونحو ذلك ألقابا، وصفات المدح التي يوردونها على صورة التركيب كسيف أمير المؤمنين وظهير الملوك والسّلاطين ونحو ذلك نعوتا، ولا معنى لتخصيص كلّ واحد منهما بالاسم الذي سمّوه به إلا مجرّد الاصطلاح، ولا نزاع في إطلاق اللقب والنعت عليهما باعتبارين: فمن حيث إنها صفات مؤدّية إلى المدح يطلق عليها اسم اللقب، ومن حيث إنها صفات لذوات قائمة بها يطلق عليها اسم النعت.
وأما ما يجوز من ذلك ويمتنع، فالجائز منه ما أدّى إلى المدح مما يحبّه صاحبه ويؤثره، بل ربما استحبّ، كما صرح به النوويّ في «الأذكار» للإطباق على استعماله قديما وحديثا. والممتنع منه ما أدّى إلى الذمّ والنّقيصة مما يكرهه الإنسان ولا يحبّ نسبته إليه. قال النوويّ: وهو حرام بالاتفاق، سواء كان صفة له: كالأعمش، والأجلح، والأعمى، والأحول، والأشجّ، والأصفر، والأحدب، والأصمّ، والأزرق، والأشتر، والأثرم، والأقطع، والزّمن، والمقعد، والأشلّ، وما أشبه ذلك. أو كان صفة لأبيه: كابن الأعمى، أو لأمّه: كابن الصّوراء ونحو ذلك مما يكرهه قال تعالى: وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ
«١» قال: واتفقوا على جواز ذكره بذلك على جهة التعريف لمن لا يعرفه إلا بذلك، ودلائل ذكره كثيرة مشهورة، وهو أحد المواضع التي تجوز فيها الغيبة.