للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً

«١» مع أن امرأ لم يكن منها في حبرة، إلا أعقبته بعدها عبرة، ولم يلق من سرّائها بطنا، إلا منحته من ضرّائها ظهرا. ولم تصله غيثة «٢» رخاء، إلا هطلت عليه مزنة بلاء.

وحريّة إذا أصبحت له منتصرة أن تمسي له خاذلة متنكرة. وأيّ جانب منها اعذوذب واحلولى، أمرّ عليه منها جانب وأوبا «٣» . فإن آتت امرأ من غصونها ورقا أرهقته من نوائبها تعبا. ولم يمس منها امرؤ في جناح أمن إلا أصبح منها على قوادم خوف، غرّارة: غرور ما فيها؛ فانية: فان من عليها، لا خير في شيء من زادها إلا التقوى. من أقلّ منها استكثر مما يؤمّنه. ومن استكثر منها، استكثر مما يوبقه ويطيل حزنه، ويبكي عينه. كم واثق بها قد فجعته، وذي حكم ثنته إليها قد صرعته، وذي احتيال فيها قد خدعته. وكم ذي أبّهة فيها قد صيّرته حقيرا، وذي نخوة قد ردّته ذليلا. ومن ذي تاج قد كبّته لليدين والفم.

سلطانها دول. وعيشها رنق، وعذبها أجاج، وحلوها صبر، وغذاؤها سمام، وأسبابها رمام «٤» . قطافها سلع «٥» . حيّها بعرض موت، وصحيحها بعرض سقم. منيعها بعرض اهتضام. وملكها مسلوب، وعزيزها مغلوب. وسليمها منكوب، وجارها محروب. مع أن وراء ذلك سكرات الموت، وهول المطّلع،

<<  <  ج: ص:  >  >>