اعتزلك كلّه. وإن نقص لم يلحقك قلّه، وما أنت والفاضل والمفضول والسائل والمسؤول! وما للطّلقاء وأبناء الطلقاء والتمييز بين المهاجرين الأوّلين، وترتيب درجاتهم، وتعريف طبقاتهم، هيهات لقد حنّ قدح ليس منها، وطفق يحكم فيها من عليه الحكم لها، ألا تربع على ظلعك وتعرف قصور ذرعك، وتتأخّر حيث أخّرك القدر، فما عليك غلبة المغلوب. ولا لك ظفر الظافر.
وإنك لذهّاب في التّيه، روّاع عن القصد. ألا ترى، غير مخبر لك ولكن بنعمة الله أحدّث، أنّ قوما استشهدوا في سبيل الله ولكلّ فضل حتّى إذا استشهد شهيدنا قيل سيد الشهداء، وخصه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بسبعين تكبيرة عند صلاته عليه، أولا ترى أن قوما قطعت أيديهم في سبيل الله ولكلّ فضل حتّى إذا فعل بواحد منا ما فعل بواحد منهم قيل الطيّار في الجنة وذو الجناحين، ولولا ما نهي عن تزكية المرء نفسه لذكر ذاكر فضائل جمّة، تعرفها قلوب المؤمنين، ولا تمجها آذان السامعين. فدع عنك من مالت به الرمية فإنا صنائع ربنا، والناس بعد صنائع لنا، لم يمنعنا قديم عزنا. ومديد طولنا على قومك أن خلطناهم بأنفسنا: فنكحنا وأنكحنا، فعل الأكفاء ولستم هناك. وأنّى يكون ذلك كذلك! ومنا النبي ومنكم المكذب، ومنا أسد الله ومنكم أسد الأحلاف «١» ، ومنا سيدا شباب أهل الجنة، ومنكم صبية النار، ومنا خير نساء العالمين، ومنكم حمّالة الحطب «٢» ، فإسلامنا قد سمع وجاهليّتنا لا تدفع، كتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنا وهو قوله سبحانه وتعالى وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ*