وأنّ عبد المطلب ولد الحسن مرتين، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولدني مرّتين من قبل جدّيّ الحسن والحسين، فما زال الإله يختار لي حتّى اختار لي في النار فولدني أرفع الناس درجة في الجنة، وأهون أهل النار عذابا يوم القيامة، فأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، وابن خير أهل الجنة، وابن خير أهل النار. ولك عهد الله إن دخلت في بيعتي أن أؤمنك على نفسك وولدك وكلّ ما أصبته، إلا حدّا من حدود الله تعالى، أو حقّا لمسلم أو معاهد. فقد علمت ما يلزمك في ذلك فأنا أوفى بالعهد منك، وأنت أحرى بقبول الأمان مني. فأما أمانك الذي عرضت عليّ فأيّ الأمانات هو؟ أأمان ابن هبيرة، أم أمان عمك عبد الله بن عليّ «١» ، أم أمان مسلم والسلام.
فأجابه المنصور: من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله، أما بعد فقد أتاني كتابك، وبلغني كلامك، فإذا جلّ فخرك بالنساء، لتضلّ به الحفاة والغوغاء، ولم يجعل الله النساء كالعمومة، ولا الآباء كالعصبة والأولياء. وقد جعل الله تعالى العمّ أبا، وبدأ به على الوالد الأدنى. فقال جل ثناؤه عن نبيه يوسف عليه السلام وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ
«٢» .
ولقد علمت أن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلّم، وعمومته أربعة فأجاب اثنان أحدهما أبي، وكفر اثنان أحدهما أبوك.
وأما ما ذكرت من النساء وقراباتهن، فلو أعطين على قدر الأنساب، وحقّ الأحساب، لكان الخير كلّه لآمنة بنت وهب، ولكن الله يختار لدينه من يشاء من خلقه.