أوسط بني هاشم نسبا، وخيرهم أمّا وأبا، فقد رأيتك فخرت على بني هاشم طرّا، وقدّمت نفسك على من هو خير منك أوّلا وآخرا، وأصلا وفصلا. فخرت على إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعلى والد ولده؛ فانظر ويحك أين تكون من الله تعالى غدا! وما ولد فيكم مولود بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلّم أفضل من علي بن الحسين وهو لأمّ ولد، ولقد كان خيرا من جدّك حسن بن حسن. ثم ابنه محمد بن عليّ خير من أبيك وجدّته أمّ ولد. ثم ابنه جعفر وهو خير منك ولدته أمّ ولد. ولقد علمت أن جدّك عليّا حكّم حكمين وأعطاهما عهده وميثاقه على الرضا بما حكما به فاجتمعا على خلعه، ثم خرج عمّك الحسين على ابن مرجانة وكان الناس معه عليه حتّى قتلوه، ثم أتوا بكم على الأقتاب من غير أوطية كالسّبي المجلوب إلى الشأم. ثم خرج منكم غير واحد فقتلكم بنو أمية وحرّقوكم بالنار وصلّبوكم على جذوع النخل حتّى خرجنا عليهم فأدركنا بثأركم إذ لم تدركوه، ورفعنا أقداركم، وأورثناكم أرضهم وديارهم بعد أن كانوا يلعنون أباك في أديار الصلاة المكتوبة كما تلعن الكفرة فمنعناهم وكفّرناهم، وبينا فضله وأشدنا بذكره، فاتخذت ذلك علينا حجة، وظننت أنّا بما ذكرنا من فضل عليّ قدّمناه على حمزة والعباس وجعفر، كل أولئك مضوا سالمين سلما منهم وابتلي أبوك بالكرماء. ولقد علمت أن مآثرنا في الجاهلية سقاية الحاج الأعظم، وولاية زمزم؛ وكانت للعباس دون إخوته فنازع فيها أبوك إلى عمر فقضى لنا عمر بها. وتوفّي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وليس من عمومته أحد حيّا إلا العباس فكان وارثه دون بني عبد المطلب؛ فطلب الخلافة غير واحد من بني هاشم فلم ينلها إلا ولده. فاجتمع للعباس أنه أبو رسول الله صلى الله عليه وسلّم خاتم الأنبياء، وبنوه القادة الخلفاء، فقد ذهب بفضل القديم والحديث، ولولا العباس أخرج إلى بدر كرها لمات عمّاك طالب وعقيل جوعا أو يتجشّمان جفان عتبة وشيبة، فأذهب عنهما العار والشّنار. ولقد جاء الإسلام والعباس يمون أبا طالب للأزمة التي أصابتهم. ثم فدى عقيلا يوم بدر فقد منّاكم في الكفر، وفديناكم من الأسر، وورثنا دونكم خاتم الأنبياء وحزنا شرف الآباء،