للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأورده مع الحضرة الطاهرة، وجعل دون ذلك أوحد المحقّقين، فأورده مع الجناب الكريم؛ ودونه أوحد النّاسكين، فأورده مع الجناب العالي.

قلت: وليس وضع هذه الألقاب على الترتيب في العلوّ والهبوط راجعا إلى مجرّد التّشهّي من غير تقصّ لعلوّ أو هبوط يدلّ عليه جوهر اللفظ، بل لا بدّ أن يكون لتقدّم كلّ لقب منها على الآخر ورفعته عليه في الرّتبة سبب يقتضيه اللفظ وتوجبه دلالته الظاهرة أو الخفيّة. وما وقع فيها مما يخالف ذلك فلعدم تأمّل الواضع لذلك، أو وقوعه من بعض المدّعين الظانّين أن القلم في ذلك مطلق العنان، يتصرّف في وضعه كيف شاء من غير نظر إلى ما يوجب تقديما ولا تأخيرا. ومما يوضّح ذلك ويبيّنه أنك إذا اعتبرت الألقاب المضافة إلى الإسلام المتقدّمة الذكر في أرباب السيوف مثلا، رأيت أعلاها ركن الإسلام والمسلمين، على ما هو مذكور في «التعريف» وغيره من سائر دساتير المقرّ الشّهابيّ بن فضل الله؛ وأعلاها على ما ذكره في «التثقيف» معزّ الإسلام والمسلمين، ودون ذلك في الرتبة عزّ الإسلام والمسلمين، ودونه مجد الإسلام والمسلمين، ودونه مجد الإسلام فقط من غير عطف، على ما تقدّم ذكره.

أمّا كون ركن الإسلام والمسلمين أعلى من عز الإسلام والمسلمين، فلأنّ ركن الشيء في اللغة جانبه الأقوى، وقد قال الأصوليّون «١» : إن الرّكن ما كان داخل الماهيّة، وحينئذ فيكون ركن الشيء بعضا منه بخلاف العزّ فإنه معنى من المعاني خارج عنه، وما كان بعضا للشيء كان أخصّ به مما هو خارج عنه.

وأما وجه إبدالهم ركن الإسلام والمسلمين بمعزّ الإسلام والمسلمين فلأن في الرّكن معنى العزّ والقوّة، وقد فسر قوله تعالى حكاية عن لوط عليه السّلام:

أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ

«٢» بالعزّ والمنعة، فجعل المعزّ لهذا الاعتبار في

<<  <  ج: ص:  >  >>