للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس المراد منه العضو الحقيقيّ الذي هو بين الكتف والمرفق، وإنما استعير للناصر وكأنه ينصره بنفسه كما ينصره عضده، ومثل هذا الوصف لا يكون إلا للأتباع، بخلاف الخليل والصّديق فإنه لا تكاد رتبته عند الشخص تنحطّ عن رتبة نفسه.

وأمّا كون عضد أمير المؤمنين أعلى من سيف أمير المؤمنين، فلأن العضد وإن قصد به الناصر فإنه منقول عن العضو للناصر كما تقدّم وعضو الإنسان عنده في العزّة وقوّة النّصر فوق سيفه في ذلك.

وأمّا كون سيف أمير المؤمنين أعلى من حسام أمير المؤمنين- وإن كان الحسام متضمّنا لوصف القطع الذي هو المقصود الأعظم من السيف من حيث إنه مأخوذ من الحسم، وهو القطع- فلأن السيف مأخوذ من ساف إذا هلك كما صرح به الشيخ «جمال الدين بن هشام» في شرح قصيدة كعب بن زهير، ولا شكّ أن معنى الإهلاك أبلغ من معنى القطع؛ لأن القطع قد يقع في بعض البدن مما لا يتضمّن الإهلاك، وهذا مما يجب التنبّه له فإنه ربما توهّم أن الحسام أبلغ من السيف لتضمّن وصف القطع كما تقدّم.

وبالجملة فلا سبيل إلى استيعاب جميع ما يرد من هذا الباب بالتوجيه؛ لأن ذلك يؤدّي إلى الإسهاب والملل. والقول الجامع في ذلك أنه ينظر إلى الألفاظ الواقعة في الألقاب وما تقتضيه من أصناف المدح، وما تنتهي إليه رتبتها فيه من أعلى الدرجات أو أوسطها أو أدناها فيرتبها على هذا الترتيب، ويوجّهها بما يظهر له من التوجيه على نحو ما تقدّم. كما إذا اعتبرت رتبة الجلال والجمال فإنك تجد الجلال أعلى رتبة؛ لأن معنى الجلال العظمة، ومعنى الجمال الحسن، ولا نزاع في أن العظمة أبلغ وأعلى موقعا من الحسن. وكما إذا اعتبرت الضّياء والبهاء، فإن الضّياء يكون أبلغ؛ لأن الضياء معناه النّور الذاتيّ، وهو متعدّي النفع عامّ الفضيلة، والبهاء معناه الحسن، وهو قاصر على صاحبه.

وفيما ذكر إرشاد إلى ما لم يذكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>