وأبان الصّوى «١» ، وأمّن المسالك والمطارح، وسهّل المبارك والمهايع، وإلا بعد أن شدخ يافوخ الشرك بإذن الله، وشرم وجه النفاق لوجه الله سبحانه، وجدع أنف الفتنة في ذات الله، وتفل في عين الشيطان بعون الله، وصدع بملء فيه ويده بأمر الله عز وجل.
وبعد، فهذه المهاجرون والأنصار عندك ومعك في بقعة واحدة، ودار جامعة، وإن استقالوني لك، وأشاروا عندي بك، فأنا واضع يدي في يدك، وصائر إلى رأيهم فيك. وإن تكن الأخرى فادخل فيما دخل فيه المسلمون، وكن العون على مصالحهم، والفاتح لمغالقهم، والمرشد لضالّتهم، والرادع لغوايتهم. فقد أمر الله تعالى بالتعاون على البر والتقوى، والتناصر على الحق. ودعنا نقضي هذه الحياة الدنيا بصدور بريئة من الغلّ، ونلقى الله تعالى بقلوب سليمة من الضّغن.
وبعد فالناس ثمامة فارفق بهم، واحن عليهم ولن لهم، ولا تشق نفسك بنا خاصّة فيهم، واترك ناجم الحقد حصيدا، وطائر الشرّ واقعا، وباب الفتنة مغلقا، فلا قال ولا قيل ولا لوم ولا تبيع والله على ما نقول شهيد، وبما نحن عليه بصير.
قال أبو عبيدة: فلما تأهّبت للنهوض، قال عمر رضي الله عنه: كن لدى الباب هنيهة فلي معك دور من القول، فوقفت وما أدري ما كان بعدي، إلا أنه لحقني بوجه يندى تهللا، وقال لي: قل لعليّ الرّقاد محلمة، والهوى مقحمة، وما منا إلّا له مقام معلوم، وحقّ مشاع أو مقسوم، ونبأ ظاهر أو مكتوم، وإن أكيس الكيس من منح الشارد تألّفا، وقارب البعيد تلطّفا، ووزن كلّ شيء بميزانه، ولم يخلط خبره بعيانه، ولم يجعل فتره مكان شبره، دينا كان أو دنيا، ضلالا كان أو هدى. ولا خير في علم مستعمل في جهل، ولا خير في معرفة