للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاروق فجاسوا خلال الديار وعرها وسهلها. واقتطعتها أيدي المسلمين من الكفار وكانوا أحقّ بها وأهلها.

ثم لم يزل يعلو قدرها. ويسمو ذكرها. إلى أن صارت دار الخلافة العباسيّة. وقرار المملكة الإسلامية. وفخرت مملكتها بخدمة الحرمين.

وخدمها سائر الملوك والأمم لحيازة القبلتين.

تناهت علاء والشّباب رداؤها ... فما ظنّكم بالفضل والرّأس أشيب؟

وحظيت من فضلاء الكتّاب بما لم تحظ مملكة من الممالك، ولا مصر من الأمصار. وحوت من أهل الفضل والأدب ما لم يحو قطر من الأقطار. فما برحت متّوجة بأهل الأدب في الحديث والقديم. مطرّزة من فضلاء الكتّاب بكل مكين أمين، وحفيظ عليم.

نجوم سماء كلّما غاب كوكب ... بدا كوكب تأوي إليه كواكبه

هذا، والمؤلفون في هذه الصنعة قد اختلفت مقاصدهم في التصنيف.

وتباينت مواردهم في الجمع والتأليف. ففرقة أخذت في بيان أصول الصنعة وذكر شواهدها. وأخرى جنحت إلى ذكر المصطلحات وبيان مقاصدها.

وطائفة اهتمّت بتدوين الرسائل ليقتبس من معانيها ويتمسّك بأذيالها، وتكون أنموذجا لمن بعدهم يسلك سبيلها، من أراد أن ينسج على منوالها. ولم يكن فيها تصنيف جامع لمقاصدها. ولا تأليف، كافل بمصادرها الجليلة ومواردها.

بل أكثر الكتب المصنّفة في بابها، والتآليف الدائرة بين أربابها، لا يخرج عن علم البلاغة المرجوع فيها إليه. أو الألفاظ الرائقة مما وقع اختيار الكتّاب عليه. أو طرف من اصطلاح قد رفض. وتغير أنموذجه ونقض. فلا يغني النظر فيه المقلّد من كتّاب الزمان. ولا يكتفي به القاصر في أوان بعد أوان. على أن معرفة المصطلح هي اللازم المحتّم. والمهمّ المقدّم. لعموم الحاجة إليه.

واقتصار القاصر عليه.

إن الصّنيعة لا تكون صنيعة ... حتّى يصاب بها طريق المصنع

<<  <  ج: ص:  >  >>