بالخطب، وغير ذلك مما يأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. بل ربما كرّروا الحمد المرّات المتعددة إلى السّبع في الخطبة الواحدة، على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى، وأتوا بالحمد لله بعد البسملة تأسّيا بكتاب الله تعالى، من حيث أن البسملة آية من الفاتحة كما هو مذهب الشافعيّ «١» رضي الله عنه، أو فاتحة لها- وإن لم تكن منها- كما هو مذهب غيره. أما سائر المكاتبات والولايات المفتتحة بغير الحمد، فإنما حذف منها الحمد استصغارا لشأنها، إذ كان الابتداء بالحمد إنما يكون في أمر له بال كما دل عليه الحديث المتقدّم، وسيأتي الكلام على كل شيء من ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال في «الصناعتين» : وإنما افتتح الكلام بالحمد لأن النفوس تتشوّف للثناء على الله تعالى، والافتتاح بما تتشوّف النفوس إليه مطلوب. وربما أتى الكتّاب بالحمد بعد البعديّة فكتبوا: أما بعد حمد الله، أو «أما بعد فالحمد لله» فأما الصيغة الأولى فالحمد مقدّم فيها معنى وإن لم يذكر لفظا لأن قوله أما بعد حمد الله يقتضي تقدّم حمد الله، وأما الصيغة الثانية فإنها تقتضي تقدّم شيء على الحمد، ولا شك أنّ المقدّم هنا هو البسملة على ما سيأتي في الكلام على أما بعد فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ثم قد يستعمل الحمد بصيغة الفعل كقولهم في المكاتبات: فإني أحمد إليك الله. وقد اختلف في أيّ الصيغتين أبلغ؛ صيغة الحمد لله، أو صيغة أحمد الله، فذهب المحقّقون إلى أن صيغة الحمد لله أبلغ، لما فيها من معنى الاستغراق والثبوت والاستمرار على ما هو مقرّر في علم المعاني. وذهب ذاهبون