للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينكم، وكأني بكم غدا قد لقيتم أهل الشأم كحمر مستنفرة، فرّت من قسورة «١» . لا تدري أين يسلك بها من فجاج الأرض، باعوا الآخرة بالدنيا، واشتروا الضلالة بالهدى، وباعوا البصيرة بالعمى وعمّا قليل ليصبحنّ نادمين، حين تحلّ بهم الندامة فيطلبون الإقالة! إنه والله من ضلّ عن الحق وقع في الباطل، ومن لم يسكن الجنة نزل في النار. أيها الناس إن الأكياس استقصروا عمر الدنيا فرفضوها واستبطأوا مدّة الآخرة فسعوا لها. والله أيها الناس لولا أن تبطّل الحقوق، وتعطّل الحدود، ويظهر الظالمون، وتقوى كلمة الشيطان، لما اخترنا ورود المنايا على خفض العيش وطيبه؛ فإلى أين تريدون رحمكم الله عن ابن عمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وزوج ابنته وأبي ابنيه؟ خلق من طينته، وتفرّع عن نبعته، وخصّه بسرّه، وجعله باب مدينته، وأعلم بحبه المسلمين، وأبان ببغضه المنافقين. فلم يزل كذلك يؤيده الله بمعونته ويمضي على سنن استقامته؛ لا يعرّج لراحة اللذّات؛ وهو مفلّق الهام، ومكسّر الأصنام إذ صلّى والناس مشركون، وأطاع والناس مرتابون. فلم يزل كذلك حتّى قتل مبارزي بدر، وأفنى أهل أحد، وفرّق جمع هوازن؛ فيالها وقائع! زرعت في قلوب قوم نفاقا، وردّة وشقاقا، وقد اجتهدت في القول، وبالغت في النصحية وبالله التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فقال معاوية: والله يا أم الخير ما أردت بهذا إلا قتلي! والله لو قتلتك ما حرجت في ذلك.

قالت: والله ما يسوءني يا بن هند أن يجري الله ذلك على يدي من يسعدني الله بشقائه- قال هيهات يا كثيرة الفضول، ما تقولين في عثمان بن عفان؟ - قالت وما عسيت أن أقول فيه: استخلفه الناس وهم كارهون، وقتلوه وهم راضون- فقال إيها يا أم الخير هذا والله أصلك الذي تبنين عليه- قالت

<<  <  ج: ص:  >  >>