ويأتي في المكاتبة إلى التّجّار بالدعاء بمزيد الإقبال، وخلود السعادة وشبه ذلك.
ويأتي في المكاتبة في الإخوانيّات ومكاتبات النّظراء من الدعاء بما يقتضيه الحال بينهم من الودّ والإدلال، بحسب ما يراه الكاتب ويؤدّي إليه اجتهاده. قال في «موادّ البيان» : وقد كانوا يختارون في الدعاء للأدباء، أبقاك الله، وأكرمك الله. وفي الدعاء للابن والحرمة «أبقاك الله» و «أمتع بك» .
أمّا أهل الكفر فقد اصطلحوا على الدعاء لهم بطول البقاء وما في معناه. أمّا جواز أصل الدعاء لهم فلما روي أنّ النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، استسقى فسقاه يهوديّ، فقال له: جمّلك الله، فما رؤي الشيب في وجهه حتّى مات، فدلّ على جواز الدعاء للكافر بما لا ضرر فيه على المسلمين ما لم تنضمّ إليه قوّة ونحو ذلك، بل ربما كان في طول بقائه حمل جزية أو غنيمة أو ثواب جهاد ونحو ذلك. وقد حكى أبو جعفر النحاس في «صناعة الكتّاب» أن الشافعيّ، رضي الله عنه، قال لنصرانيّ: أعزّك الله! فعوتب في ذلك، فقال.......... «١» ...
واعلم أنه يجب مع ذلك أن يعرف مرتبة المكتوب إليه من الدعاء، فيدعو بعزّ الأنصار لواحد، ويدعو بعزّ النصر لمن دونه؛ لأن عزّ الأنصار مستلزم لعزّ النصر. على أنه لو قيل: إنّ عزّ النصر أعلى لكونه دعاء لنفس الشيء بخلاف الدعاء بعزّ الأنصار فإنه دعاء لشيء خارجيّ لكان له وجه. ويدعو بعز النّصرة لمن دون من يدعى له بعز النصر؛ لأن النصر مذكّر ورتبة التذكير أعلى من رتبة التأنيث. ويدعو بدوام النعمة لواحد ويدعو بمضاعفة النّعمة لمن دونه «٢» ؛ لأن