للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يموت من دخلها؛ فابتاعوها بدار لا يدوم نعيمها، ولا تنصرم همومها، وكونوا قوما مستبصرين في دينهم مستظهرين على حقهم؛ إن معاوية دلف إليكم بعجم العرب، لا يفقهون الإيمان، ولا يدرون ما الحكمة. دعاهم إلى الباطل فأجابوه، واستدعاهم إلى الدنيا فلبّوه فالله الله عباد الله في دين الله! وإياكم والتواكل فإن ذلك ينقض عرى الإسلام، ويطفىء نور الحق. هذه بدر الصغرى، والعقبة الأخرى؛ يا معشر المهاجرين والأنصار امضوا على بصيرتكم، واصبروا على عزيمتكم. فكأنّي بكم غدا وقد لقيتم أهل الشام كالحمر الناهقة تقصع قصع البعير «١» .

ثم قال: فكأني أراك على عصاك هذه قد انكفأ عليك العسكران يقولون هذه عكرشة بنت الأطرش فإن كدت لتفلّين أهل الشام لولا قدر الله وكان أمر الله قدرا مقدورا؛ فما حملك على ذلك؟ - قالت يا أمير المؤمنين يقول الله جل ذكره يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ

«٢» الآية، وإن اللبيب إذا كره أمرا لا يحب إعادته- قال صدقت فاذكري حاجتك- قالت كانت صدقاتنا تؤخذ من أغنيائنا فتردّ على فقرائنا وقد فقدنا ذلك، فما يجبر لنا كسير، ولا ينعش لنا فقير. فإن كان عن رأيك فمثلك من انتبه من الغفلة وراجع التوبة، وإن كان عن غير رأيك فما مثلك من استعان بالخونة ولا استعمل الظّلمة- قال معاوية: يا هذه؛ إنه ينوبنا من أمور رعيتنا ثغور تتفتّق، وبحور تتدفق.- قالت سبحان الله! والله ما فرض الله لنا حقّا فجعل فيه ضرارا لغيرنا وهو علّام الغيوب- قال معاوية هيهات يا أهل العراق نبّهكم عليّ فلن تطاقوا. ثم أمر بردّ صدقاتهم فيهم وإنصافهم.

والشاهد في هذه الحكايات كلام هؤلاء النسوة مع ما فيها: من المراجعات، والمخاطبات، والمقاولات، والمحاورات، الصالحة للاستشهاد

<<  <  ج: ص:  >  >>