الدينية والدّيوانية، «ومولانا» تخصّ السلطان وحده، وإن كان من نعوت السلطان السيّد الأجلّ.
قال: على أن ذلك مخالف لمذهب المغاربة؛ فإنهم يعبّرون عن ولاة أمورهم بالسادة، ويعبّرون عن صاحب الأمر بسيّدنا، وكأن هذا كان في زمانه، وإلا فالمعروف عند أهل المغرب والأندلس الآن التعبير عن السلطان بالمولى، يقول أحدهم مولانا فلان. وأهل مصر الآن يطلقون السادة على أولاد الملوك.
وكذلك لو وقع واقع للسلطان فنصحته لم يجز أن تورد ذلك مورد التنبيه على ما أغفله، والإيقاظ لما أهمله، والتعريف من الصواب لما جهله؛ لأن ذلك من القبيح الذي لا يحتمله الرؤساء من الأتباع، ولكن تبني الخطاب على أنّ السلطان أعلى وأجلّ رأيا، وأصحّ فكرا، وأكثر إحاطة بصدور الأمور وأعجازها، وأن آراء خدمه جزء من رأيه، وأنهم إنما يتفرّسون مخايل الإصابة بما وقفوا عليه من سلوك مذهبه، والتأدّب بأدبه، والارتياض بسياسته، والتنقّل في خدمته، وإنّ مما يفرضونه في حكم الإشفاق والاهتمام، وما يسبغ عليهم من الإنعام، المطالعة بما يجري في أوهامهم، ويحدث في أفكارهم، من الأمور التي يتخيّلون أنّ في العمل بها مصلحة للدولة، وعمارة للمملكة، ليتصفّحه بأصالة رأيه التي هي أوفر وأثبت. فإن استصوبه أمضاه، وإن رأى خلافه ألغاه، وكان الرأي الأعلى ما يراه؛ إلى غير ذلك مما يجرى هذا المجرى.
قال ابن شيث في «معالم الكتابة» : ولا يقارن الكاتب السلطان في تكرار المواضع التي يقع الالتباس فيها بين الكاتب والمكتوب إليه؛ لأن هاء الضمير تعود عليهما معا لما تقدّم من ذكرهما، وإن كان في القرينة ما يدلّ على ذلك بعد الفكرة وإذا ابتدأ معهم بالمملوك لا يقال بعد ذلك العبد ولا الخادم، وإن كان ذلك جائزا مع غير السلطان.
قال: ولا بأس بتكرار الإشارة إلى السلطان في المواضع التي يجمل فيها الاشتراك بينه وبين المكتوب إليه، مثل أن يقال: وكان قد ذكر كذا وكذا،