للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجال الكلام في ذكر الواقعة ووصفها، كان أحسن وأدلّ على السّلامة، وأدعى لسرور المكتوب إليه، وأحسن لتوقّع المنّة عنده، وأشهى إلى سمعه، وأشفى لغليل شوقه إلى معرفة الحال. قال: ولا بأس بتهويل أمر العدوّ، ووصف جمعه وإقدامه، فإنّ في تصغير أمره تحقيرا للظّفر به.

قال في «موادّ البيان» : ولا يحتجّ للإيجاز في كتب الفتوح بما كتب به كاتب المهلّب «١» بن أبي صفرة إلى الحجّاج في فتح الأزارقة، على ارتفاع خطره، وطول زمانه، وعظم صيته، من سلوكه فيه مسلك الاختصار؛ حيث كتب فيه:

«الحمد لله الذي كفى بالإسلام فقد ما سواه، وجعل الحمد متصلا بنعماه؛ وقضى أن لا ينقطع المزيد من فضله، حتّى ينقطع الشّكر من خلقه. ثم إنّا كنّا وعدوّنا على حالين مختلفين، نرى منهم ما يسرّنا أكثر مما يسوءنا، ويرون منا ما يسوءهم أكثر مما يسرّهم؛ فلم يزل ذلك دأبنا ودأبهم، ينصرنا الله ويخذلهم، ويمحّصنا ويمحقهم؛ حتّى بلغ الكتاب بناديهم أجله فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ

«٢» .

فإنه إنما حسن في موضعه لمخاطبة السّلطان به، ولغرض كانت المكاتبة فيه. قال: فإن كتب مثل هذا الكتاب عن السلطان في مثل هذا الفتح أو ما يقاربه؛ ليورد على العامّة، ويقرّر في نفوسهم به قدر النعمة، لم يحسن موقعه،

<<  <  ج: ص:  >  >>