للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جيوشه يكتبون إليه كما يكتب إليهم، يبدأون بأنفسهم. وعن ميمون بن مهران أنه قال: كان ابن عمر إذا كتب إلى أبيه كتب «من عبد الله بن عمر إلى عمر بن الخطّاب» . وعن يحيى بن سعيد القطّان قال: قلت لسفيان الثوري: أكتب إلى أمير المؤمنين يعني المهديّ، قال: إن كتبت إليه بدأت بنفسي- قلت: فلا تكتب إليه إذن. وهذه الأقوال كلها جانحة إلى ترجيح بداءة المكتوب عنه بنفسه. قال أبو جعفر النحاس: وهذا عند أكثر الناس هو الإجماع الصحيح، لأنه هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم.

ولتعلم أن الذاهبين إلى جواز الابتداء باسم المكتوب إليه اختلفوا؛ فذهب قوم إلى أنه إنما يكتب «إلى فلان من فلان» كما تقدم في كتاب ابن عمر إلى معاوية، ولا يكتب «لفلان من فلان» . واستشهد لذلك بما روي عن ابن عمر رضي الله عنه أنه قال: يكتب الرجل «من فلان إلى فلان» ولا يكتب لفلان؛ وبما روي عن هشيم عن المغيرة عن إبراهيم أنه قال: كانوا يكرهون أن يكتبوا «بسم الله الرحمن الرحيم لفلان من فلان» . لكن قد روي أن رجلا كتب عند ابن عمر «بسم الله الرحمن الرحيم لفلان من فلان» فقال ابن عمر: مه! فإنّ اسم الله هو له إذن. ومقتضى ذلك أن الكراهة إنما هي لإيهام أن البسملة للمكتوب إليه، لا للابتداء باسم المكتوب إليه.

وذهبت طائفة إلى جواز أن يكتب « «لفلان من فلان» واحتجّ لذلك بما روي عن مالك بن أنس عن عبد الله بن دينار أنّ ابن عمر كتب إلى عبد الملك ابن مروان: «بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، لعبد الملك أمير المؤمنين من عبد الله بن عمر» وهو ظاهر، فقد كانت مكاتبة خالد بن الوليد والنّجاشيّ والمقوقس «لمحمد رسول الله» على ما سيأتي ذكره. وعلى ذلك «١» كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>