إن عبتنى أنا امرأة من بني كنانة- قال: صدقت أتدرين لم أرسلت إليك؟
قالت لا يعلم الغيب إلا الله- قال: بعثت إليك لأسألك علام أحببت عليا وأبغضتيني وواليتيه وعاديتيني؟ قالت أو تعفيني يا أمير المؤمنين- قال لا أعفيك- قالت أما إذ أبيت، فإني أحببت عليا على عدله في الرعية، وقسمه بالسوية؛ وأبغضتك على قتالك من هو أولى بالأمر منك، وطلبك ما ليس لك بحق؛ وواليت عليا على ما عقد له من الولاية، وعلى حبّه المساكين، وإعظامه لأهل الدين؛ وعاديتك على سفكك الدّماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى- قال: ولذلك أنتفخ بطنك، وعظم ثدياك، وربت عجيزتك- قالت يا هذا بهند كانت تضرب الأمثال، لابي- قال يا هذه أربعي فإنا لم نقل الا خيرا إنه إذا انتفخ بطن المرأة تم خلق ولدها، وإذا عظم ثدياها تروى رضيعها، وإذا عظمت عجيزتها رزن مجلسها فرجعت وسكنت- قال لها فهل رأيت عليا؟
قالت لقد كنت رأيته- قال كيف كنت رأيتيه؟ قالت رأيته لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النّعمة التي شغلتك- قال لها: فهل سمعت كلامه؟ قالت:
نعم، والله كان يجلو القلوب من العمى، كما يجلو الزيت الطّست من الصدإ- قال: صدقت فهل لك من حاجة؟ قالت: وتفعل إذا سألتك؟ قال نعم- قالت:
تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها- قال تصنعين بها ماذا؟ - قالت أغذّي بألبانها الصّغار، وأستحبي بها الكبار، وأصلح بها بين العشائر- قال فإن أعطيتك ذلك فهل أحلّ عندك محلّ عليّ؟ - قالت ماء ولا كصداء، «١» ومرعى ولا كالسّعدان «٢» ، وفتى ولا كمالك «٣» ، يا سبحان الله أودونه! فأنشأ معاوية يقول: