فيكون الاشتقاق واحدا. وقيل علوان مشتقّ من العلانية؛ لأنه خطّ ظاهر على الكتاب.
ومن قال: عنيان وعنيان، جعله من عنيت فلانا بكذا إذا قصدته. قال في «موادّ البيان» : والعنوان كالعلامة، وهو دالّ على مرتبة المكتوب إليه من المكتوب عنه. والأصل «١» فيه الإخبار عن اسمهما حتّى لا يكون الكتاب مجهولا، والمراد أنه يكتب فيه «من فلان إلى فلان» أو «لفلان من فلان» قال:
ولم يزالوا يكاتبون بأسمائهم إلى أن ولي عمر بن الخطّاب، رضي الله عنه، الخلافة ولقّب بأمير المؤمنين، فكتب:«من عبد الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب» . ثم وقع الاصطلاح على العنونة للرّؤساء والنّظراء والمرؤوسين والأتباع بالأسماء؛ ثم تغيّر هذا الرسم أيضا.
وكان المأمون يكتب في أوّل عنوانات كتبه: بسم الله الرحمن الرحيم، فكانت تكتب قبل اسم المكتوب إليه والمكتوب عنه. وقد ذكر أبو جعفر النحاس أن ذلك بقي إلى زمانه، وكان بعد الثلاثمائة. قال في «موادّ البيان» : ثم بطل بعد ذلك. قال: والأصل فيه أن يبتدأ باسم المكتوب عنه ثم باسم المكتوب إليه وهو الترتيب الذي تشهد به العقول؛ لأن نفوذ الكتاب من المكتوب عنه إلى المكتوب إليه كنشء الشيء وخروجه من ابتداء إلى نهاية. فابتداؤه من المكتوب عنه، وانتهاؤه إلى المكتوب إليه؛ ولفظ «من» يتقدّم لفظ «إلى» بالطبع؛ لأن حرف «من» ينبيء عن منشإ الشيء، و «إلى» حرف يخبر عن النهاية التي عندها قرار الشيء، والابتداآت في الأشياء قبل النّهايات.
قال: وعلى هذا كانت كتب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومن سلف من الأمم الماضية؛ ثم عرض للناس رأي في تغيير هذا الرّسم إلى غيره، ففرّقوا بين مراتب المكاتبين من الرؤساء والعظماء والخدم والأتباع بتقديم اسم المكتوب