البيان» : ويجب أن يكون اللّصاق خفيفا كالدّهن لئلا يتكرّس ويكثف في جانب الورق. وقد كانت عادتهم في بلاد المشرق أيام الخلفاء أن يختم بخاتم الخليفة، بأن يغمس في طين معدّ لذلك أحمر الصبغ، ويختم به على طرفي اللّصاق، ليقوم مقام علامة الخليفة. وكان هذا الطين يجلب إليهم من سيراف «١» من بلاد فارس، وكأنّه مخصوص بها؛ وعلى نهج الخلفاء جرى الملوك حينئذ.
والذي استقرّ عليه الحال الآن بالديار المصرية ونحوها من البلاد الشرقية الاقتصار على مجرّد اللّصاق اكتفاء بما فيه من الضبط وظهور فضّه إن فضّ.
وهذه المسألة مما سأله الشيخ جمال الدين بن نباتة كتّاب ديوان الإنشاء بدمشق مخاطبا به للشيخ جمال الدين محمود الحلبي- فقال: ومن ختم الكتاب بالطين وربطه؟ ومن غيّر الطين إلى النّشا وضبطه؟. وقد سبق الكلام في النّشا وسائر أنواع اللّصاق في الكلام على آلات الدواة في المقالة الأولى.
الصورة الثانية- أن يخزم الكتاب من وسطه بالأشفار حتّى تنفذ في بعض طيّات الكتاب ثم تخرج من وجه الورق أيضا، ويدخل فيه دسرة «٢» من الورق كالسّير الصغير ويقطّ طرف الدسرة؛ ثم يلصق على ذلك بشمع أحمر؛ ثم يختم عليه بخاتم يظهر نقشه فيه، ويسمّى هذا النوع من الختم الخزم- بالخاء والزاي المعجمتين- أخذا من خزم البعير، وهو أن يثقب أنفه ويجعل فيه خيط أو نحوه..
ولعل هذه الطريقة من الختم هي التي كان عليها الحال حين أحدث الختم في صدر الإسلام، ويدل على ذلك قول ابن عمر رضي الله عنه في رواية «٣» الطبريّ