الكتاب أعظم الرغائب وأجلّ الثواب؛ وساق بسنده إلى أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، كرّم الله وجهه، أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من كتاب يلقى ببقعة من الأرض فيه اسم من أسماء الله إلّا بعث الله إليه سبعين ألف ملك يحفّونه بأجنحتهم ويقدّسونه، حتّى يبعث الله إليه وليّا من أوليائه فيرفعه من الأرض. ومن رفع كتابا من الأرض فيه اسم من أسماء الله تعالى، رفع الله اسمه في علّيّين وخفّف عن والديه العذاب وإن كانا مشركين» . ويروى:«من رفع قرطاسا من الأرض فيه مكتوب «بسم الله الرحمن الرحيم» إجلالا له أن يداس، أدخله الله الجنة وشفّعه في عشرين من أهل بيته كلّهم قد وجب له النار» .
وأما حفظه في الإضبارة فهو أمر مطلوب، والإضبارة عبارة عن ورقة تلفّ على جملة من الكتب قد جمعت في داخلها ويلصق طرفها بالنّشا. والقاعدة فيها أن تلوى الكسرة من أسفلها، وإن طال بعضها في طيّه وقصر بعض جعل التفاوت في الطّول والقصر من أعلاها. قال في «صناعة الكتّاب» : ومعناها الجمع؛ لأنها يجمع بعضها إلى بعض. ومنه قيل: تضبّر القوم إذا تجمّعوا، ورجل مضبّر الخلق أي مجتمعه، وناقة مضبّرة ومضبورة، وضبر الفرس إذا جمع قوائمه ووثب. ويقال للإضبارة أيضا إضامة «١» بكسر الهمزة وتشديد الميم لضم بعضها إلى بعض، والمعنى فيها صيانة الكتب وحفظها عن الضّياع. وقد جرت عادة كتّاب ديوان الإنشاء بالديار المصرية أن يجعل لكل شهر إضبارة تجمع فيها الكتب الواردة على أبواب السلطان من أهل المملكة وغيرهم، ويكتب عليها «شهر كذا» . وقد سبق القول في مقدّمة الكتاب أن الديوان كان له في زمن الفاطميين كاتب يكتب الكتب الواصلة ويبسط عليها جرائد، كما يكتب