استيلائه وتطرّقه، ذي المشيئة النافذة الماضية، والعزّة الكاملة الوافرة والعظمة الظاهرة البادية، والبراهين الرائعة الرائقة، والدلائل الشاهدة بواحدانيّته الناطقة، حمدا لا انتهاء لأمده، ولا إحصاء لعدده. والحمد لله الذي اختص محمدا صلّى الله عليه وسلّم، برسالته وحباه، وأولاه من كرامته ما حاز له به الفضل وحواه، وبعثه على حين فترة من الرّسل، وخلاء من واضح السّبل، فجاهد بمن أطاعه من عصاه، وبلغ في الإرشاد أقصى غايته ومداه، ولم يزل مبديا أعلام الإعجاز، وملحقا الهوادي «١» بالأعجاز، إلى أن دخل الناس في الدين أفواجا، وسلكوا في نصرته جددا «٢» واضحا ومنهاجا؛ وغدت أنوار الشرع ضاحكة المباسم، وآثار الشّرك واهية الدعائم، ومناهل الهدى عذبة صافية. فصلّى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وأصحابه المنتخبين وخلفائه الأئمة الراشدين، وسلّم تسليما.
والحمد لله الذي أصار إلى أمير المؤمنين من تراث النبوّة ما استوجبه واستحقّه، وأنار لديه من مطالع الجلال ما تملك به الفخر واسترقّه، ومنحه من حسن التمكين والإظفار، وإجراء الأقضية على مراده والأقدار ما ردّ صرف الدهر عن حوزته مفلول الحدّ، ومدّ باع مجده إلى أقصى الغاية والحدّ، وحمى سرب «٣» إمامته من دواعي الخوف والحذر، ووقى مشرب خلافته من عوادي الرّنق «٤» والكدر، وجعل معالم العدل في أيامه مشرقة الأوضاح والحجول، مفترّة النواجذ «٥» عن الكمال الضافي الأهداب والذّيول، مؤذنة باستقرار أمداد السعادة، واستمرار الأحوال على أفضل الرّسم والعادة، وهو يستديمه من لطيف الصّنع وجميله، ووافي الطّول وجزيله ما يزيد آراءه سدادا ورشادا، وأرومة عزّه