الوزير وتقريظه، من غير ضابط في الابتداء، والدعاء في أثناء ذلك بالحياطة ثم التوصل إلى المقصد.
وهذه نسخة كتاب كتب به العلاء بن موصلايا عن القائم إلى وزيره:
لمّا خص الله تعالى الدولة القاهرة العبّاسية بامتداد الرّواق «١» ، في العز واتساع النطاق، وأجرى لها الأقدار بما يجمع شمل الحق ويمنع من نفاق النّفاق، وأفرد أيّامها بالبهاء المنير الأعلام، والانتهاء في قوّة الأمر إلى ما يتأدّى في طاعتها بين اليقظات والأحلام، وجعل الزمان واقفا عند حدّها في النقض والإبرام، ومتصرّفا على حكمها في كل ما حاول من حال ورام، ومكّن لها في الأرض حتّى أذلّت نواصي الأعداء قهرا وقسرا، وحسرت عن قناع القدرة على ردّ الطامعين في إدراك مداها ظلّعا حسرى، فإن الله تعالى لم يخلها كلّ وقت من قائل في نصرتها فاعل، وقائم بإقامة حشمتها من كل حاف من الأنام وناعل، وراغب في الذّبّ عن حوزتها سرّا وجهرا، وخاطب من خدمتها ما يرجى أن يكون رضا الله في المقابلة عنه أغلى مهرا، وناهج جدد الرّشد في المناضلة عنها بسيفه وقلمه، وفارج للكرب الحادثة فيها بنطق فيها بنطق فيه وسعي قدمه.
وقد منح الله أيام أمير المؤمنين- من كونك الوليّ بمواصلة المقامات الغرّ فيها، والخليّ من كل ما يباين صحّة الموالاة وينافيها، والضّمين لما عاد عليها باستقامة النظام، والضّنين بما يوجد للغير الطريق إلى وصول الحتف إليها والاهتضام، والمتجرّد في إمداد عزّها بالإحصاف والإمرار، والمتفرّد بإعداد أقسام المناضلة دونها في الإعلان والإسرار، والباذل وسعه فيما ثنى إليها أعنّة السعد ولواها، والخاذل كلّ مستنجد بها فيما يخالف محبتها وهواها- ما أوفى «٢» على المألوف في أمثالها من قبل، وصار لك به على كل من سلفك من الأعضاء