بكماله، وقصّر أكفاؤه «١» عن درك شأوه في الخير ومثاله. وما زلت حديثا وقديما موسوما، بهذه المزيّة مرقوما، وبغير شكّ أنك تراعي ما بدأت به، وتعضّد مقالك في موارده بما تعمده في مصادره، وتحرس ما قدّمته من الاحتياط بتحرّيك في أواخره، وتمضي العزيمة لإتمام ما شرعت فيه، كفاء ما يوجبه دينك ويقتضيه، جريا على وتيرتك فيما قضى للأحوال بالانتظام والاتّساق، وآذن لشمس الصّلاح بالإضاءة والإشراق.
وبعد، فقد عرفت ما تكرّر إليك في أمر هذه الطائفة الخبيثة، المكاشفة بمذهب الإلحاد، المبارزة بسوء الاعتقاد، بعثا على جهادها، وكفّ ضررها عن الإسلام وفسادها، ورفع ستر المراقبة عنها، والانتقام لله ولرسوله منها. وما يقنع من همة معزّ الدولة والدين- أمتع الله ببقائه- ومن وافر عقلك ودينك، وصدق يقينك، إلّا بإرهاف العزيمة في مكاشفتها، وخوض الغمار في محاربتها، والقصد لمضايقة من اعتصم منها بالقلاع، وقتل كلّ من يظفر به في سائر البقاع، حميّة وامتعاضا للدين، وأنفا مما استولى عليه بها من الضرر المبين.
فكن من وراء الحبّ لمعزّ الدنيا والدين على تيقّنك هذا المثال، والادّكار بما تفوز به مع الامتثال له في المآل، وانهض في تنفيذ ما يأمرك به في هذا الباب نهضة من أتزر رضا الله وأراده، وبذل في صلاح معاده اجتهاده، فإن الله سبحانه لا يرضى منكما للانتصار لدينه بالتقصير، وأمير المؤمنين أمركما بالجدّ فيه والتشمير.
وقد شرّفك بتحفة أمر بحملها إليك من بين يدي سدّته، وأعرب بها عن مكانك من حضرته، إنافة على الأمثال بقدرك، وإضفاء لملابس فخرك، فاعرف بمكان النعمة في ذلك، واسلك في القيام بشكرها أوضح المسالك، وأدم المواصلة بمطالعتك، وقدّم التوقّع من إجابتك، تفز من المراضي الشريفة بالحظ الأسنى، ويجتمع لك منها الاسم والمعنى، إن شاء الله تعالى.