للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النصيحة، وابتداء التوبة الصحيحة، والعمل بثبوت الإيمان في هذه العاجلة الفسيحة، إلّا ما تحبّونه في ذات الله تعالى من الأمنة والدّعة، والكرامة المتّسعة والمكانة المرفّعة، والتنعّم بنعيم الراحة المتصلة والنفس الممتنعة. فنحن لا نريد لكم ولسائر من نرجو إنابته، ونستدعي قبوله وإجابته، إلا الصّلاح الأعمّ، والنجاح الأتمّ. وتأملوا- سدّدكم الله- من كان بتلك الجزيرة- حرسها الله- من أعيانها، وزعماء شانها، هل تخلّص منهم إلى ما يودّه، وفاز بما يدّخره ويعدّه، إلا من تمسّك بهذه العروة الوثقى، واستبقى لنفسه من هذا الخير الأدوم الأبقى، وتنعّم بما لقي من هذا النعيم المقيم ويلقى؟ وأما من أخلد إلى الأرض واتّبع هواه، ورغب بنفسه عن هذا الأمر العزيز إلى ما سواه، فقد علم بضرورتي المشاهدة والاستفاضة سوء منقلبه، وخسارة مذهبه ومطّلبه، وتنقّل منه حادث الانتقام أخسر ما تنقّل به. وحقّ عليكم- وفقكم الله ويسّركم لما يرضاه- أن تحسنوا الاختيار، وتصلوا الادّكار والاعتبار، وتبتدروا الابتدار. وما حقّ من انقطع إلى هذا الأمر الموصول الواصل، وأزمع ما يناله من خيره المحوز الحاصل، أن يناله منكم شاغل يشغله عن مقصوده، ويحيط به ما يصرفه عن محبوبه ومودوده، فقد كان منكم في أمر أهل بلنسية «١» حين إعلانهم بكلمة التوحيد، وتعلّقهم بهذا الأمر السعيد ما كان، ثم كان منكم في عقب ذلك ما اعتمدتموه في أمر أهل لورقة «٢» - وفّقهم الله- حين ظهر اختصاصهم، وبان إخلاصهم. وليس لذاك وأمثاله عاقبة تحمد، فالخير خير ما يقصد، والنجاة فيما ينزح عن الشر ويبعد. وإنا لنرجوا أن يكفّكم عن ذلك وأشباهه إن شاء الله تعالى نظر موفّق، ومتاع محقّق، ويجذبكم إلى موالاة هذه الطائفة المباركة جاذب يسعد، وسائق يرشد، والله يمنّ عليكم بما ينجّيكم، ويمكّن لكم في طاعته

<<  <  ج: ص:  >  >>