منه إلى ذكر الكتاب الوارد وعرضه على الخليفة، وما اقتضته آراء الخلافة فيه، ويكمّل على نحو الابتداء. كما كتب عن المقتفي لأمر الله، إلى غياث الدين مسعود «١» بن ملكشاه السّلجوقيّ في جواب كتابه الوارد عليه، يخبره بأن بعض من كان خرج عن طاعته دخل فيها، وانحاز إليه، وهو:
«من عبد الله أبي عبد الله محمد الإمام المقتفي لأمر الله أمير المؤمنين، إلى فلان بألقابه.
أما بعد- أطال الله بقاءك- فإن كتابك عرض بحضرة أمير المؤمنين معربا عن أخبار سعادتك، وجري الأمور على إرادتك، وبلوغ الأغراض من الوجهة التي توجّهت إليها، والأطراف التي أشرقت سعادتك عليها، بميامن ما تثق به من الطاعة الإمامية وتضمره، وتعتقده من الإخلاص وتستشعره وأن ركن الدين محمدا ومن انضمّ إلى جملته وانتظم في سلك موافقته لمّا ظفروا منك بذمام اطمأنّوا إليه وسكنوا، وأمان وثقوا به وركنوا، أبصروا الرّشد فاتّبعوه، واستجابوا الداعي إذ سمعوه، وأذعنوا لطاعتك مسرعين، وانقادوا إلى متابعتك مهطعين، على استقرار مسيرهم تحت لوائك إلى باب همذان ليكون تقرير القواعد الجامعة للمصالح عند وصولها، والتوفّر على تحرّي ما تقرّ به الخواطر مع حلولها، والانفصال إلى من يفد إلى الأبواب العزيزة مؤتنسا بقرب الدار، ومستسعدا بالخدمة الشريفة الإمامية المؤذنة ببلوغ الأوطار. ووقف عليه وعرف مضمونه، وجدّد ذلك لديه من الابتهاج، والاغتباط الواضح المنهاج، ما تقتضيه ثقته بجانبك واعتقاده، وتعويله على جميل معتقدك واعتماده، واعتضاده من طاعتك بحبل لا تنقض الأيّام مبرمه، وسكونه من ولائك إلى وزر «٢» لا تروّع المخاوف حرمه وواصل شكر الله تعالى على ما شهدت به هذه النعمة العميمة، والموهبة الجسيمة، من إجابة الأدعية التي ما زالت جنودها نحوك مجهّزة،