تمثّل طلوعه بين أصحابه وآله، وإن هبّ النّسيم العاطر وجد فيه طيب خلاله، وإن سمع الأذان تذكّر صوت بلاله «١» ، وإن ذكر القرآن استشعر تردّد جبريل بين معاهده وحلاله، [لاثم تربه، ومؤمّل قربه، ورهين طاعته وحبّه]«٢» المتوسل به إلى رضى ربه، يوسف بن إسماعيل بن نصر:
«كتبته «٣» يا رسول الله والدّمع ماح، وخيل الوجد ذات جماح، عن شوق يزداد كلّما نقص الصّبر، وانكسار لا يتاح له إلا بدنوّ مزارك الجبر، وكيف لا يعنى مشوقك بالأمر، ويوطيء «٤» على كبده الجمر، وقد مطلت الأيام بالقدوم على تربتك «٥» المقدّسة اللّحد. ووعدت الآمال ودانت بإخلاف الوعد، وانصرفت الرّفاق والعين بنور ضريحك ما اكتحلت، والركائب إليك ما رحلت، والعزائم قالت وما فعلت، والنّواظر في تلك المشاهد الكريمة لم تسرح، وطيور الآمال عن وكور العجز لم تبرح؛ فيا لها من معاهد فاز من حيّاها، ومشاهد ما أعطر ريّاها، بلاد نيطت بها عليك التّمائم، وأشرقت بنورك منها النّجود والتّهائم، ونزل في حجراتها عليك الملك، وانجلى بضياء فرقانك فيها الحلك، مدارس الآيات والسّور، ومطالع المعجزات السافرة الغرر، حيث قضيت الفروض وحتمت وافتتحت سورة الوحي وختمت، وابتدئت الملّة الحنيفيّة وتمّمت، ونسخت الآيات وأحكمت. أما والذي بعثك بالحقّ هاديا، وأطلعك للخلق نورا باديا، لا يطفيء غلّتي إلا شربك، ولا يسكّن لوعتي إلا قربك؛ فما أسعد من أفاض من حرم الله إلى حرمك وأصبح بعد أداء ما فرضت